لا يروننا ... لا يريدوننا !!
محمد جلال القصاص
من الثوابت في الظاهرة العلمانية: أن العلمانين - في الخارج والداخل - لا يرون لغيرهم قيمة أو حقًا؛ فهم هم وحدهم الأحق بكل شيء، وغيرهم – في أحسن الأحوال – على موائدهم بما يشاءون هم.
ومن مظاهر ذلك أن الغرب يجعل الهجوم عليه هجومًا على البشرية، والعداوةَ له عداوةً للإنسانية بأثرها، وهو هو بأم عينه .. في ذات الوقت يقتل من يستطيع قتله بالرصاص وغير الرصاص، فكل مخرجاته قتل، وكل تحركاته قتال!!
ومن مظاهر ذلك أنهم آخر من ظهر في المشهد العالمي الحالي..جاءوا على حضارات عريقة، ومع ذلك كانوا يسمون ما يجدونه اكتشافًا، فمثلًا: اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح مع أن أفريقا كانت عامرة قبلهم، وهم خربوها ونهبوها.
ومن مظاهر ذلك – في الداخل المصري مثلًا– أنهم لم يحاولوا مرة واحدة إشراك الإسلامين في الحكم، حتى بعد ثورة يناير واعترافهم بدورٍ كبيرٍ للإخوان فيها.
ومن أخطر مظاهر ذلك أنهم يحاولون محو ذاكرة الأمة وجعلها تبدأ فقط من ظهورهم هم، فحين يؤرخون لوطنٍ يعيشون فيه فإنهم يبدؤون فقط من يوم ظهورهم، وكأن التاريخ المعاصر بدأ بهم، وكأن مصر لم تكن قبلهم!!
وإن عادوا للتاريخ يقفزون إلى القرون الأولى ويسقطون حقبة الإسلام؛ فلا تجد حديثًا في مصر ـ مثلًاـ عن مصر المسلمة المجاهدة .. مصر صلاح الدين وعين جالوت ...فقط مصر العلمانية.. ومثل هذا في العراق .. يتحدثون عن بابل وكأن الإسلام لم يدخل العراق، وفي الشام، وكل مكان... إنهم يحاولون محو الذاكرة التاريخية لأمتنا ليبقوا هم فقط .
إنهم لا يروننا، وإنهم لا يريدوننا، وما يحدث الآن هو أنهم أحسوا بوجودنا فهبوا للتخلص منا، لنزع ثقافتنا من ذاكرة الأمة وأشخاصنا من عيون الناس. "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"