تشاؤلية
رائد شريدة
بقلوب مشبعة بالحزن، وأنفس ضاجّة بالأسى شُيّعت سعادتي، وعلى مدفن الواقع الأليم اغتيل ذاتي، وتطايرت شرنقات نفسي في مهب الريح، أبلور بعثرتي ونهاياتي، وألملم مشاعري ودفقاتي، علّ الإحساس النابض يولد من رحم النفس المتهالكة الكسيرة، وعلّ وعسى أن تنمو بذرة التفاؤل والحياة في أرضيتي المشاع، وعلّ وعسى أيضاً أن تترعرع الابتسامة من شفتي المنهكة المكلومة، ومن ملامح وجهي المترنح تحت وطأة القهر المتتالي، والظلم الوحشي.
حياتي كتلة من لهب تحت رماد السنين، وانتفاضتي الصامتة تكاد تحرقني، فخلف ابتساماتي وضحكاتي وخفة ظلي يكمن الوحش، ليس لأني نسيتُ مرارته، بل لأني أتناسى همومه القابعة في قحفي، وفي مسامات خواطري، فتتحرر حياتي من قيوده، وتتكسر الأغلال على وقع صمودي الأسطوري، لا أقول هذا زخرفة جمالية، بل زخرفة معنوية تلامس شغافي، لأنفض عني غبار الحَزَن واليأس، فتتجدد الحياة في ذاتي التي ألفت القهر والكبت والحرمان، ولأثبت لأني لا أستسلم لنفسي القاتلة التي تقتل الإحساس بالطمأنينة والحب والشعور الغامر بالسعادة، فنفسي بين مد وجزر، بين ريح وسكينة، بين انتفاضة صامتة وسلم أكيد... فها أنا أكتبُ خاطرتي بحبر من واقعي بماضيه الأليم السعيد وحاضره المتجدد ومستقبله العامر بابتسامة ربما تكون حقيقية في يوم من الأيام.