بيتنا بيتنا
إبراهيم جوهر
لم أكن ذاك الأشعث الأغبر ليبرّني الله ...
( ربّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه)
لم أكنه ، فكيف تصادف المطر الذي أشرت إليه وقولي مساء أمس؟!!
(ختمت يومية أمس بقولي : المساء حلّ هادئا بأنفاس الخريف التي تحمل وعودا بخير ومطر )
وعند التاسعة مساء هطل المطر، فعلا هطل المطر ...
(إشتي وزيدي ، بيتنا حديدي ...)؛ أغنية الطفولة القوية تحضر مع المطر الأول .
المطر الأول في تشرين يعود منبئا باعتدال غاب طويلا .
كان تشرين موسما ، وكانت ذكريات جميلة ، وكان في الدنيا خير ومودة وصفاء وأمل ...
ذاكرة المطر الأول عامرة ....
(إشتي وزيدي ، بيتنا حديدي)
ما حال (بيتنا) اليوم؟!! هل ما زال حديديا قويا يواجه الإعصار؟ أم تراه أضحى ورقيا هشّا تنخره القوارض والأرضات؟!
كيف يعود البيت حديديا؟ كيف يكون البيت حديديا؟؟
(علي الخليلي) يعالج في المشفى الفرنسي بالشيخ جراح في القدس ؛ أرسل إليّ الدكتور الشاعر (وائل أبو عرفة) ليخبرني بوجود الرجل في القدس ، وأضاف قوله: وهو يسأل عنكم....
أحد رواد الحركة الثقافية الفلسطينية ؛ (بلدوزر) الإنتاج الثقافي ، كان يقدم يوميا من نابلس مارّا بحيّ الشيخ جراح في طريقه إلى مقر صحيفة (الفجر) ، أو دائرة الكتاب (التجمع الأدبي الأول للكتاب الفلسطينيين) أيام كانت التجمعات تعني القوة والنضال الوطني قبل أن (تتسلّع) وتتأثر بثقافة ال(أن . جي . أوز)!!
سأرتّب زيارة للشاعر الباحث الصحفي المنسي من (رحمة) الثقافة الجديدة . ولأن قلوب الصادقين تلتقي اتصل صديقي (محمد خليل عليان) ظهر اليوم للغاية نفسها .
مساء كنا في زيارة الشاعر الذي ترك بصماته على بلاط أرصفة القدس ، وعلى ثقافة جيل السبعينات والثمانينات .
...إشتي وزيدي ، بيتنا خشبي !
ورقي!
(إنجوزي)!
...ما حال بيتنا اليوم؟! لا أدري لكثرة الخروق ، فقد اتسع الخرق على الراتق وضاعت السمات والدلائل .
مساء كنا هناك ؛ أنا وجميل السلحوت ومحمد خليل عليان وإبراهيم عبيدات وإسراء أبو عياش ونبيل الجولاني وحسام عليان؛ من علم جاء بلهفة الوفاء للثقافة والصدق ، لا للمداهنة .
مساء الخميس عقب ندوتنا الأسبوعية التي ستناقش قصة المبدع (محمود شقير) (بنت وثلاثة أولاد في مدينة الأجداد) سنزور (علي الخليلي) كمجموعة . الندوة ستكون في ضيافة الرجل لفتة وفاء لمن قدّم للثقافة فأهملته (ثقافة العصر المتأنجزة) .
الصادقون يلتقون في دروب الصدق دائما .
لا لم أكن ذاك الأشعث الأغبر ...لكني كنت هذا الصادق الذي يرى بقلبه وروحه.
إشتي، إشتي...فلا بدّ من بناء يواجه المطر.
( لماذا تركتم الاقحوان وحيدا ؟!!) اليوم حضر العنوان . اليوم أتأكد من أن للعنوان معنى.