أنا حزين اليوم يا شهرزاد
فراس حج محمد /فلسطين
أكتب إليك اليوم وعاصفة من الحزن العميق تحتل فؤادي، فتخنق الأنفاس، وتجعل الغواية خاصرة من وجع، أكتب إليك والنفس محملة بأوزارها وآلامها وبشقاء ما اقترفت الجوانح من عقيم الأفعال، وبسوء ما نوى القلب من رديء التخيلات، أكتب إليك وأنا أغالب دمعة القهر المحبوسة بين أضلاعي فلا هي تخرج فأرتاح، ولا هي تموت في الأعماق فيسكن وجعي!!
لا تسأليني يا شهرزاد لماذا؟ فلا يُسأل الطقس عن تقلباته، لقد احترقت اليوم من داخلي، وما زالت بقايا الجمر تلسع أعصاب أحشائي، فتنثر الأفكار الحمقى مجنونة على ورق لا يستطيع احتواءها!!
لا تسأليني يا شهرزاد؟ فلقد شبت بين الأضالع أشواق قاتلة، وآمال مهدورة، أغالب الأمل الذي أراه يقتل كل ثانية أمامي، ترجوني عيونه وتستعطفني، وأنا أقف مشدوها حائر عاجزا لا أستطيع فعل شيء! لقد مات الأمل يا شهرزاد لقد مات الأمل! فكفنيه بالذكرى الجميلة وببوح ممتقع في دواليب الكلام لم يخرج سنيا بهيا كاملا، أهيلي عليه من تراب الجحيم دفقتين من نار ليظل مشتعلا حنينا مترائيا من بعيد كنجوم الفضاء، يراها المجنون بأوهامه قريبة يحاول لمسها، يغمض عينيه ويحاول قبضها، فتمتلئ قبضته بالسراب! ما أفدح الوهم يا شهرزاد ما أفدحه وأفظعه وأشقاه!!
لقد جريت مع أوهام نفسي طويلا وخدعت ذاتي، حاولت أن أرى النور المشع بين عينيك الوسنانتين فلم أرَ غير حدقتين مصلوبتين عاتبتين، فلم أعد أرى النور يا ابنة النور، ولم أعد أرى إلا بقاياي التي تناوشتها الأماني الفارغة.
أكتب إليك الآن، وكلي مشبوب وجعا وحرمانا وشوقا وعذابا وصقعيا وجليدا ونارا وحريقا، كلها هكذا دفعة واحدة، أستميت لأصدق قلبي فيأبى الحزن الراسخ فيه أن يكون كما يجب أن يكون، لقد جاءت العاصفة يا شهرزاد فدمرت ما تبقى من أطلال القلب، فلو فتشت عنه الآن فلن تجدي منه إلا ما علق مع هبات الغبار في فضاء الله!!
اعذريني يا شهرزاد، لقد طال اشتياقي وحزني وألمي، وصبري قد نفد، وتحول كل ذلك إلى رماد، لا أريد أن تقرئي ما كتبت فتناقشيني فيه، فليس عندي ما أضيف، لقد اكتفت الأحزان بخرابيش الروح، وامتلأ الدفتر، واكتملت حكايتي وكان آخر سطرها:
العشق أرداني فما نفَعَ الحبيبُ
والليل أسقمني وقد عز الطبيبُ
اعذريني يا شهرزاد، فليس في القلب متسع لغير عزاء نفسي بفقدانك الأخير!!