هاجر الخطيب
غرناطة عبد الله الطنطاوي
يا مهجة الفؤاد..
يا عبيراً ينثر عطره في الأجواء الملائكية..
ليتنا كنّا معك لنحتفل سوياً في يوم مولدك في جنان النعيم..
أبشري أمّ هاجر، فابنتك عند مليك رحيم، عطفه ليس كعطفك يا أمّ، حنانه ليس كحنانك يا منبع الحنان،
طعامها ليس كطعامنا وليس كشرابنا..
إنها جنات عدن،
تنتظرك هاجر يا أمّ هاجر كي تفتح لك ولأحبائك أبواب الجنان..
ليتنا كنّا معك يوم استشهادك يا عصفورة..
حتى نشهد عرساً ملائكياً فريداً من نوعه
وحتى نشتمّ عبق الشهادة
كي يعطينا هذا العبير الفردوسي دافعاً للأمام كي نكمل ثورتنا بكل عزيمة وإصرار..
ياه.. كم تحنّ لك أمك يا هاجر، وكم يبكي قلبها طفلتها الحلوة وهي عائدة من مدرستها، وحقيبتها على ظهرها الغضّ، وهي تنادي:
-ماما.. ماما.. أنا جائعة..
وكم يحنّ أبوك يا هاجر إلى زقزقاتك، وأنت تطلبين منه كل ما يخطر على بالك الصغير، وتطلبين منه تحقيق أحلامك الصغيرة الوردية، وكأن أباك فقط هو من يملك مفتاح سعادتك، ولا يبخل أبداً بإسباغ أثواب السعادة على قلبك الصغير.. وأنت فرحة سعيدة بدلاله وحبّه اللامتناهي لك..
وكم تحنّ صديقاتك للعب معك، ولمقالبك الصبيانية الحلوة معهنّ..
وكم يحنّ صفك ومقعدك الدراسي لطفلة تتوهج ذكاء ونشاطاً وحيوية، حتى يكاد المقعد يئنّ من تحتك يا حلوة، الآن مقعدك يئنّ حزناً وكمداً على فراق الأحبّة..
لن نشعل شموعاً في يوم مولدك يا حلوة، فنور الشهادة يغطي كل أنوار الدنيا..
ولن نزين بيتك الجميل يا قمر، فزينة الجنان لا تخطر على قلب بشر..
ولن نبكي بعد الآن لفراقك يا عسل، لأننا سنحتفل قريباً بيوم النصر، وسترفرف روحك الطاهرة في سماء الدنيا فرحة مستبشرة بنصر من الله وفتح قريب...