غريب ولكن

خليل الجبالي

مستشار بالتحكيم الدولي

[email protected]

علي الرغم أنني بعيد عن وطني إلا أنه لم يفارقني ولن ينساه قلبي لحظة،

فقد تعرض الوطن للأذي كثيراً في وجود العسكر ، بداية من حكم عبدالناصر ، مروراً بالسادات حتي وصولاً لحكم مبارك، كما تعرضنا نحن كذلك فيه من إعتقالات ومطاردات وحرمان من أعمالنا وغلق لمصادر أرزقنا حتي إضطررنا إلي العمل خارج الوطن الحبيب.

وتعلق القلب بالعودة والإستقرار وبناء مستقبل جديد في ظل الدكتور مرسي بعد ثورة 25 يناير حيث أتاحت مساحة الحرية كثيراً من الديمقراطية مع الشعور بالعدل وإحترام الأدمية للمواطن المصري التي فقدها طويلاً .

غير أن هذا الحلم بدده العسكر بإنقلابهم المشئوم ، وإستيلائهم علي الحكم عنوة بعد تآمرهم مع الليبراليين والعلمانيين والنصاري وكارهي الدين الإسلامي وكارهي أنفسهم من تلك النوعية من البشر التي تعادي الحق والحقيقة.

عامان من الإنقلاب مرت علي أصحاب الحق وفي أفواههم مرارة الظلم والإضطهاد والإستبداد ، وعلي أجسادهم علامات التعذيب والمطاردة والألم .

وفي أعينهم الحسرة والقلق والخوف من الغد، ولكن تحمل قلوبهم ثقة في وعد الله بالنصر والتمكين للصابرين الثابتين المجاهدين لنصرة الشرعية ، والداعيين للحرية ، والمحبيين للوطن أرضأ وسماءً.

تغيرت ملامح بشر كما تغيرت أخلاقهم، فقد بين لنا إبتلاء الإنقلاب معادن بعض الناس الذين كنا نعدهم من الشرفاء ، فبددت حقيقتهم جلية تعلوها الخسة والندالة ويملأها حب المصالح الشخصية والهوى.

وظهرت معادن أصيلة ثمينة كان يعلوها غبار الأيام فأخفاها عن الإنظار حتي كشفها لهيب الإبتلاء فبدى رونقها للناظرين.

إن الشدائد بقوتها المؤلمة ونارها الحامية وأحداثها الجارية تنقي المعادن الثمينة من الشوائب الهاشة التي لا قيمة لها ( لِيَمِيزَ اللَّهُ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ويَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ (37) سورة الأنفال.

إن صاحب الهمة العالية لا تعوقه المرتفعات ولا الهضاب عن الوصول إلي هدفه، فهو يواصل السير حتي يصل إلي ما يريد.

إن التضحيات التي بذلها من سبقونا إلي الله من أجل الوطن الحبيب يجب علينا المحافظة علي خطواتهاحتي تلحق خطانا خطاهم، أو نحقق أهدافهم بأمالنا التي مازالت تملأ قلوبنا.

إننا لانخاصم الأمل فإنه يبعث في النفس تفاؤل ويبشرنا بغدٍ كله طمأنية.

إننا علي ثقة أن يزول الظلم ، ويُهلك الطغاة، وتعود الحرية إلي الوطن يوماً، عندها سنعود إلي أحضانه لنشعر بالأمان وننعم بالحرية التي حرمنا منها الطغاة المتكبرون.

إن ثقتنا في الله لا تحدها حدود، ولا تعوقها عقبات، ولن يثنيها حقد الحاقدين ، ولا بطش المتكبرين المتغطرسين، ولا تكاتف الإنقلابيين الفاسدين.

فإننا نثق في معية الله ، كما نثق في حقيقة الطريق الذي نسلكه ، فإنه طريق إبتلاء وإضطهاد ، كما أنه طريق نصر وتمكين لمن صبر واحتسب وثبت عليه .

وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41) سورة الحج.