صبر تلحمي في القدس
إبراهيم جوهر - القدس
عدت إلى المواجهة ثانية ؛ أواجه الجهل ، وعدم حب تعلّم اللغة ، والمسلكيات الطائشة ، واللهو وقت الجد . أواجه اهتمامات شبابية بعيدة عن ما أحرص عليه ... باختصار أعود إلى ما بات مألوفا في سلك التعليم هذه الأيام ، لكن طاقة الفرج النسبي تفتح لي حين أدخل مجموعة النخبة ؛ الصف المؤهل وفق التقييم ليكون ذا تحصيل مرتفع وإبداع مؤثر ... فيخيب أملي لأنني رفعت سقف توقعاتي !
بعد استراحة ما بعد الظهر كان عليّ الالتقاء مع طاقم البرنامج التلفزيوني ( طلات مقدسية ) لإكمال التصوير والحديث عن القدس والثقافة والكتب والناس .
تأخرت عن الخامسة ، الموعد المتفق عليه ، بنصف ساعة بسبب أزمة السير في الشارع الضيق المزدحم الموصل إلى المسرح الوطني الفلسطيني . هنا حضرت على أرض المكان ندوتنا الأسبوعية ، وهمومنا الأدبية . ثم كانت المكتبة العلمية والمقهى الثقافي ، وشارع صلاح الدين وباب العامود .
القدس ليلا تلملم حزنها فيسرع الناس تاركين غموضهم في المكان . أضواء الزينة الرمضانية وحدها أبقت شيئا من روح أريد لها الاختفاء في ليل القدس ، وحركة متحفزة هنا وهناك ، والسور التاريخي المنتظر وعدا كان يوما حين غنته (فيروز) ذات عام بعيد .
أنهي اللقاء بإطلالة واثقة من الصحافية الشابة (لما غوشة) التي تعشق عملها وقدسها وأسئلتها الذكية ، بحضور المصوّر التلفزيوني الهادئ (عبدالله القضماني) على خلفية باب العامود الذي كان وقتها ما زال عامرا بالحياة .
عدت متعبا إلى المنزل . كانت (آية) قد أحضرت كمية من (الصبر) التلحمي فتناولت عدة أكواز مقشورة . الصبر لذيذ وحلو وصلب البذور .
هل كانت صدفة ؟ ما الذي أحضر الصبر التلحمي هذا اليوم دون سواه ؟!