شوك ناعم في الحكواتي
إبراهيم جوهر - القدس
قبل موعد الإفطار وجدت تسلية غريبة ؛ تسلّيت ب ( تقشير ) الصبر ؛ الصبر الشوكي البرّي ، أقصد ... فتصبّرت وصبرت ، وتشوّكت يداي في بدايات العملية قبل أن أجد نفسي وقد أتقنتها ، أو هيّئ لي أنني أتقنتها .
استعملت الشوكة والسكين في عملية التقشير . أمسكت بالشوكة كوز الصبر الأصفر الناضج ، وحززت بالسكين جرحا طوليا بعد تمرير السكين على طرفيّ الكوز . ثم أقوم بمعالجة القشرة المتمسكة بالثمرة العسلية ذات البذور الكثيرة ... عملية فيها مهارة ، وصبر ، وشوك ، وتسلية لا تخلو من متعة ما .
خرجت من التجربة بعدد قليل من الأشواك الصغيرة الناعمة غير المرئية ، لكنها محسوسة وهي تخز في أطراف الأصابع وراحة اليد .
أخيرا نجحت ...فأتيت على الكمية جميعها التي وصلتني يوم أمس هدية من إحدى قريبات زوجتي على الجانب الآخر من الجدار .
صبر ما وراء الجدار كان اليوم رفيقي في التسلية ، والتجهيز ليوضع في الثلاجة بانتظار تناوله فاكهة وحلويات رمضانية !
( صبر حلو ، وعدس حامض ! كم نشتهي من غرائب ! هل بات رمضان لتجريب ما نشتهي ؟ أم لتحقيقه ؟!)
كان لا بد من حضور مسرحية ( من تحت لفوق ) ذات اللوحات التراجيكوميدية في المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) عند التاسعة والنصف . خرجت من المنزل قبل التاسعة بقليل لأشهد الازدحام في الطرق ؛ حركة سيارات ومشاة وهرولة للحاق بصلاة العشاء والتراويح هذه الليلة . الكل يسرع باتجاه المسجد الأقصى ... شعرت بنشوة غامرة وأنا أرقب المشهد الذي دبّ الحياة في طرقات البلدة الناشفة .
منذ العشرين من رمضان وحوانيت القدس تواصل فتح أبوابها لتستقبل المتسوقين والضيوف . حركة القدس في الليالي الأخيرة فيها روح أفتقدها في الأيام العادية الحزينة . الليلة حركة فيها نوع من الفرح ، وقليل خاف من حزن ...
الشوك الناعم ما زال يداعب أناملي وراحة يدي اليمنى .
الصبر تخطى الجدار وكان على مائدتي .
شوك ناعم في المسرح الوطني شاهد معي المسرحية التي تتغلّب على الحزن بالضحك ، وشيء من الابتسام .
القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية اليوم بدأت بتكريم طاقم المسرحية بحضور لافت .
القدس كان فيها شوك ناعم يداعب يدي جاء من خلف الجدار .