قمر وجوري وحاجز
قمر وجوري وحاجز
إبراهيم جوهر - القدس
الليلة مساء طلع القمر ؛ قمر كامل ، جميل ، ساحر ، واضح رغم غموضه ، غامض رغم وضوحه .
الليلة انتهت خمسة عشر يوما من رمضان الخير والتغيير ، والقمر .
لا أجمل من منظر القمر وأنت تراقبه وهو يتكوّن ويظهر بهدوء .
من بين أغصان شجرة الجوري أمام بيت أخي (أحمد) أطل القمر واكتمل هناك . لعبت معه الليلة لعبة الأشكال ! أزحت نظري لأراه من بين الأغصان الجورية المتشابكة فبان لي بأشكال متعددة . عشت مع البدر المكتمل لحظات من حلم وخيال ورؤى . ضوء القمر من بين الأغصان يتسلل بانسياب ؛ لوحة سماوية ، بدرية رمضانية . لوحة جمال وسحر وهدوء وخيال ؛ إنه القمر . القمر الذي يراه الجائع على البعد رغيفا ! وأراه بدرا حزينا غامضا لائما !
فجأة تتعكر الصورة فأنتبه لأضواء الكشافات الكهربائية التي تناسيتها في حضرة القمر . كشافات الحاجز العسكري في منطقة الشياح المطلة على البصر ، وعلى جمال القمر والجوري . الكشافات هنا كريهة رغم أضوائها الكاشفة . معتمة رغم قوة إنارتها الساطعة .
قمر وكشافات ؛ قمر وحاجز ...يختفي الجمال وتضيع الجورية الحزينة وهي لم تكمل فرحتها في احتضان القمر الذي واصل تسلّقه قبة السماء ...غادر القمر إطاره الجوري وبقي الحاجز بكشافاته المرعوبة .
مساء اليوم اجتمع على مائدة الإفطار عدد من الأقارب والأصدقاء لتناول طعام الإفطار الرمضاني رحمة لروح أخي (أحمد – أبي بسام) الذي يمر عليه هذا الرمضان الأول وهو بعيد عن دنيانا . غادرنا يوم عيد الأضحى الفائت يوم 6 / 11 /2011 م.
(أبو بسام) هو الذي لبس الشماغ الأحمر مقلوبا يوم 5 حزيران 1967 م. والتحق بالجبهة . وهو الذي راقب الخان الأحمر ونقل بفرح نبأ إسقاط طائرة معادية يومها ...
اتصلت ليلا بابنة شقيقتي (ساجدة) في الأردن مباركا بنجاحها في التوجيهي بمعدل 88 .
ساجدة ستواصل تعليمها الجامعي . القمر سيواصل مسيرته . الجوري ينتظر قمره بعيدا عن كشافات الحواجز العسكرية .
رمضان يمضي مسرعا باتجاه النهايات الفرحة .