بدون عنوان

بدون عنوان

نسيبة بحرو

هالني الإجرام الأسدي في سوريا ، وهالني أكثر ذلك التخاذل العجيب المعيب من البعض رغم شدة وهول ما يحدث .. وحيث عجزت عن تصديق وجود هذه الأصناف من البشر فإني غلبت الظن بأنهم لا يعلمون !! وقررت اعلامهم بمقال أضمنه كل الاعتداءات والجرائم التي ارتكبها النظام السوري المجرم في حق الشيوخ والأطفال والنساء والشباب الأبرياء العزل المطالبين بالكرامة والحرية ، لأكشف لهم ما قد يكون خفي عنهم ..

فكرت ملياً في عنوان يثير الجانب الإنساني ويدفعهم لقراءة المقال، هل يكون الاعتقال الهمجي والتعذيب الوحشي ؟ لا .. فهذا جزء لا يتجزأ من تاريخ سوريا خلال أعوام مضت ولم يعد يشغل البال .. هل هو قنص المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي ؟ لا .. فهذه الجريمة تتكرر يومياً ومنذ عام حتى أصبحت ظاهرة عادية طبيعية لا تستدعي الانتباه ، هل هو تعذيب وقتل الأطفال ؟ لا .. فلقد ضج الاعلام بقصة الشهيد حمزة الخطيب ومن تلاه ، ورغم ذلك لم يتغير الحال..

هل يكون انتهاك الأعراض ؟ أو تشريد المواطنين ؟ أو ترويع الآمنين ؟ أو الذبح بالسكاكين ؟

أم يكون القذائف العشوائية ؟ أو المجازر اليومية ؟ أو الإبادة الجماعية ؟ لا .. فلقد كُتب في كل ذلك وغيره الكثير ، وتصدرت هذه الجرائم أبرز العناوين .. ولا يزالون متخاذلين !!

أصابتني الحيرة فأجلت اختيار العنوان حتى أنتهي من كتابة المقال عسى أن أستلهم من النص عنوان يصف مجمل المصاب ، ولكني عندما هممت بالكتابة عجزت عن السرد والتوثيق ، فما يحدث لا تصفه كلمات أو تجمعه سطور و صفحات .. وهو أكبر بكثير من أن يصنف تحت عنوان أو يروى في مقال ..

 واكتشفت حقيقتين أولهما أنه لا شيء مما يحدث في سوريا يخفى على أحد فحتى الطفل الصغير يدرك ما يحدث ويسرد التفاصيل ، وأن ذلك المتخاذل المتقاعس قد غيب نفسه عمداً ونام ضميره علناً.. وثانيهما أن قلوباً لم تجزعها المناظر المروعة وضمائر لم توقظها الاستغاثات الملوعة ، لن يجدي معها حبر على ورق ..

 فتركت مقالي فارغاً بلا مضمون ، ودون عنوان ..

 وليسطر التاريخ المقال على أرض الحدث بدماء الشعب السوري ، وتحت عنوان يتجدد بتجدد مصابهم وعلى مرأى من العالم أجمع ، وسامحينا يا سوريا .. أو لا تسامحينا لأننا لن نسامح أنفسنا .. وحسبنا الله ونعم الوكيل .