السقوط من القمة
أبو عمرو محمود
إن العلماء والدعاة تبوؤوا أعلى مكان حين دعوا إلى الله تعالى، وقادوا موكب الفارين إلى الله، وحملوا راية الدعوة بقوة، ووقفوا ضد الظلم والطغيان، لا يخافون في الله لومة لائم، فكانوا الشهداء على الخلق، وفازوا بالشهادة عند الله...
إن العلماء الذين قادوا الحراك ضد الظلم والطغيان، ووقفوا بقوة في وجه الحكام، وسقطوا شهداء على مذبح العدل والحرية هم العلماء حقا...
وسيبقى إيمان ويقين سعيد بن جبير مثالا لأهل العلم في كل زمان ومكان، أما شجاعة العز بن عبد السلام فهي تاج العز على رؤوس العلماء، وبرهان على ادعاء المدعين ممن جعل عمامته خرقة يمسح بها الطغاة أيديهم بعد أن يفرغوا من ذبح الشعب..
هل يعقل أن ينشق جندي أمي ويعرض نفسه للمخاطر، بينما يدبج أصحاب العمائم الخطب والأشعار في تبرير المجازر؟!
أين الخطب العصماء التي كانت تهز أركان المساجد وأعواد المنابر في التضحية والفداء والبذل والعطاء؟! هل غدت كلمات جوفاء تضيع في الهواء؟!
هل غدت عمائم العلماء ديكورا للحكام يزينون بها مجالس النفاق، و يسرجون بها خيول بغيهم، وينتعلونها إذا ما أرادوا أن يدوسوا رؤوس العباد ؟!
كيف يمكن أن نفهم أن يصدح معممون بالخطب التي تحيك الكذب للمجرمين؛ بينما تصدح حناجر الأطفال في ساحات الحرية بشعارات العزة والفخار التي تملأ الفضاء؟!
قامات كبيرة من أرباب العلم حقا كانت تحظى بالتقدير والاحترام إذا بها تسقط من القمة عندما صفقت للقاتل وهتفت للمجرم وأصدرت الفتاوى تندد بالشعب الذي يذبح، وتبرر لعناصر الإجرام سفك الدماء، بل تحث قطعان النظام أن تضرب بيد من حديد، وأن تواجه حراك الشعب بإرهاب الإجرام؟!