أيها المظلوم لا تخف

مصطفى أمين

أيها المظلوم.. لا تخف !

أنا أعرف أنك ضعيف هزيل، وظالمك عملاق جبار!

وأعرف أنك مسحوق مطحون، وظالمك قادر أن يدوسك بقدميه.

ولكنني أعرف أيضاً أنه إذا كان اليوم للظالم، فإن غداً للمظلوم!

لم يحدث في التاريخ كله أن استمر ظلم إلى الأبد، الشيء الخالد هو الحق، والشيء الزائل هو الباطل. وصدق من قال: إن الظلم ساعة، والعدل إلى قيام الساعة!

كل ما هو مطلوب منك أن تثبت في مكانك، الثبات لا يقل شجاعة عن الإقدام، وعندما يصمد المظلوم أمام الظالم، يتراجع الظالم وينكمش، ويتقهقر إلى الوراء، أما إذا تراجع المظلوم وتضاءل وتهاون أمام الظالم، فإنه يشجع الطاغية أن يمعن في ظلمه، ويضاعف طغيانه واستبداده..

إذا كان الحق معك فالله معك. والله أكبر من كل قوى البغي والعدوان، وإذا رأيت الباطل ينتفخ ويكبر ويتضخم، فلا تنزعج. فإن شكة دبوس واحدة ممكن تحول عملاقا من الضلال إلى هباء!

كم من طغاة صغار تصوروا أن الدنيا دانت لهم، وجدوا في الظلم متعة، وفي الجبروت لذة، وفي استعباد الناس نشوة.. واستيقظوا ذات صباح فوجدوا أنفسهم تحت أقدام الذين أذلوهم وظلموهم واستبدوا بهم!

من غباء الظالم أن يتصور أنه قوي، ويتجاهل أن الله أقوى، ويتوهم أنه خالد، وينسي أن الله وحده هو الباقي، ويعتقد أنه قادر وحده أن يغني ويفقر ويميت ويحيي، ويرفع ويخفض، ويسعد ويشقي، غافلاً عن أن هذه صفات الله وليست صفات البشر!

أذكر أن موظفاً صغيراً جاء إلي مرة وهو يقول أنه كاد يكفر بكل القيم والمبادئ! مدير الشركة يسرق ويترقى، وهو يحافظ على أموالها ويخصم من مرتبه! مدير الشركة يبدد أموالها فيتلقى خطابات ثناء من مجلس الإدارة، وهو يضاعف أرباح الشركة ويتلقى خطابات التوبيخ واللوم والإنذار والوعيد! مدير الشركة مسنود من الوزير، لا يقبل فيه شكوى، ويرفض أن يسمع أي كلمة نقد صغيرة من قريب أو بعيد!

قلت له: لا تكفر! المطلوب منك أن تزداد إيماناً!

سألني: هل أتراجع عن مبادئي؟

قلت: بل تمسك بها !

قال: أولادي في رقبتك.

قلت : أي ظلم لا يمكن أن يدوم!

وبعد ثلاث سنوات قابلته.. وسألته: أين مدير الشركة؟! قال: في السجن !!

البعض منا لا يريد أن يصبر ويثبت ثلاث دقائق!

الله مع المؤمنين الصابرين!