ذكريات لا يغادرها الشعراء

د. عمر عبد العزيز العاني

[email protected]

حين غرقت بغداد في الحمأ المسنون غادر الأخ أبو المنذر دولة قطر متوجّهًا إلى بغداد

لكنّه أخفى تذكرة سفره في حقيبة الأحزان

ويعود أبو المنذر .. لكنه عاد لابسًا طاقية الاختفاء

ويمرّ عيد الفطر وهو يتمتّع بإفطارٍ صباحيٍّ قوامه خبز مقاطعتي ونسياني

ويزور الأخ الجليل عبد الجليل دولة قطر ويعود إلى بغداد ولم يرمِ من طائرته شيئًا من

 ( شكرات القرقاعون )، ولا حفنة من تسالي الودّ القديم، ولا حتى لوزة من ( كرزات ) صداقتنا، فاستباح سماء البحرين من غير كلام ولا سلام

ويمرّ عيد الأضحى والأخ أبو المنذر يمسح بدم أضحيته على اسمي في قائمة الأصدقاء

عجبت كثيرًا يا أبا المنذر

لقد تعلمنا سويًا فن دغدغة الديناصور .. وترقيص حيوان الماموث ..

حملت أوراقي وأحزاني وآهات من شجن المقام العراقي ...

وسافرت إلى المدينة التي سافرت إليها أشواقنا

ورأيت ..

رأيت الفلوجة في العيد

منارة الجامع الكبير قد قتلها الهزال بعد فراق الشيخ جمال

دخلت المدينة على حين غفلة من أهلها .. وسألت

سألت المستطرقين .. فقيل لي : إنّ المدينة ترقد من عناء طويل

تتمتّع بإجازة قصيرة ريثما يعود الصالحون من أهلها بعد أداء مناسك الحج

في مطار عمّان دفعت مائة دولار ضرائب وزن ذكرياتنا الجميلة بمرّها ومرّها

عفوًا .. إنّ قلمي لا يحسن كتابة وحلوها

تسجيلات استريو لشهقات الفيلسوف ( مبّل ) وهو يستحم بالماء البارد في شتاء الفلوجة الأزرق

نداءات بائعات الحليب واللبن والقيمر بنغمة النهاوند

علبًا من العسل المصفّى من مزارع الأزرقية .. ومناحل الحاج عريبي في الصقلاوية

فصولا من قصّة الحمار الذي شارك في معارك المصير .. وهي من أظرف القصص

كان جسدي مهدودًا من عناء ما حمل من عتاب

ومن غير ميعاد تقع عيناي – وأنا أقلّب صفحات الإنترنت – على موقع السقيفة

استمعت إلى سمفونيّات قلبي السبعة وهي تدقّ بانفعال

كنت أقرأ إجاباتك لأسئلة المتلهّفين عن العراق والعراقيين

تفجّر انفعالي دموعًا تدير نواعير الفرات

أيقنت أن لا حظّ لي في عتابك

وعلمت أنّ مآذن بغداد أنست الأخ أبا المنذر صديقه في البحرين

وصديقه في سفوح مدينة مخاشكلا

وصديقه في تاريخ سبأ وجنبيات صنعاء

ومملكة الأراضي المنخفضة

ومدرسة الشؤون الإدارية

وفي مدرسة السياج الأخضر .. مدرسة الروح والملكوت

ذكريات لا يغادرها الشعراء .... ومرّ آخرون