كن لطيفا
رلى الكيلاني قاسم
[email protected]
"يلا.. حان وقت النوم"..
"يلا.. لازم ندرس".
"حان وقت الذهاب إلى حصة التايكوندو"...
"لماذا لم تنهِ صحنك.. يا حبيبي"!!
انصتّ مؤخرا لفيديو مسجل في رأسي أشعرني بتلك "النقاقة" التي تحولت إليها، خصوصا مع ابني الأكبر ذي السبع سنوات!! مع أنني شخصيا ضد مبدأ "النق"، وأكرهه كثيرا، إلا أنني اكتشفت أن هذه اللغة الجديدة علي صارت جزءا لا يتجزأ من حديثنا اليومي أنا وابني. أحزن عليه من التذكير والملاحظات التي تنهال على رأسه في بيته الذي كله كبار.. وهو الصغير الواعي الوحيد.. فأخته لم تكمل الستة شهور بعد، ولكني أشعر أنني أشتاق له كثيرا.. فهو حبي الأول "بعد أبيه طبعا.."!!
اكتشفت أنني لم أعد أراه كثيرا، فهو إما في المدرسة أو في النشاطات الرياضية أو ينام مبكرا للاستيقاظ مبكرا للمدرسة، أو أنني مشغولة مع مولودتي الجميلة الملتصقة بي، ومع عملي في المجلة، وغير ذلك من الالتزامات العائلية والاجتماعية.. قلت لنفسي "أستطيع أن آخذ قرارا"... ذهبت أنا وهو في رحلة استكشافية، وقررنا أن نسجل في حصة تعليم الرسم معا. مرة أسبوعيا (أنا وهو فقط) وصديقنا الفن الذي لطالما شعرت أنه يشاركني نفس الاهتمام به. اليوم، أجد متعة لا مثيل لها، عندما أراه مندمجا على المرسم بجانبي، يرسم ويشخبط ويلطخ "بلوزته البيضاء" بألوانه الفرحة التي كان دائما يتقن اختيارها. اليوم سعدت كثيرا وهو يقول لي "ماما أنا كثير مبسوط إنك معي في حصة الفن"!!
كم هو جميل أن يتخذ الفرد لنفسه هواية! ويخصص لها لو ساعة ونصفا في أسبوعه المليء بالركض الغبي، واللهاث المريض والفوضى التي تسرق منا يومنا! كم هو جميل أن يسرقك شيء تحب عمله، ويأخذك إلى عالم خيالي بعيد عن التوتر والتعب والمسؤوليات. علاج نفسي أنجح من الأدوية والمهدئات التي باتت تباع كالفيتامينات، ويدمن عليها الكثيرون! فكر في هواية تحبها، وخذ القرار، ولا تؤجل! فجسدك بحاجة إلى ما يبعث الروح والطاقة الحيوية فيه! تعلم شيئا جديدا واسرق بعض الوقت لنفسك!
عددنا يأتي مع موسم الأعياد، وهو موسم يذكرنا بحقوق الروح، لنهتم بها تماما كما نهتم بحقوق العقل والجسد. فلنعط الروح شحنة من فيتامينات السكينة والحب، حتى نصبح قادرين على التعامل مع بعضنا البعض بلطف أكثر!! فمن يشعر بدنو الروح لا يستطيع أن يكون لطيفا لا مع نفسه ولا مع غيره! الثالث عشر من تشرين الثاني هو يوم "اللطف" العالمي World Kindness Day ، من الجميل أن يكون هناك ولو يوم في السنة، نلتزم به أن نكون لطيفين مع كل من نراه في يومنا. هي دعوة لكل مدرسة أن تتخذ من هذا اليوم شعارا لبث روح الحب واللطف والمراعاة بين جميع الطلاب والمعلمين في المدرسة، وقد تكون فكرة للكثير من النشاطات والألعاب التعليمية والمشاريع الإبداعية التي يمكن أن يشارك بها الأطفال وأهاليهم لنشر هذه القيمة المهمة والتي يحتاجها الكبير والصغير في يومنا!
كن لطيفا مع أطفالك، ومع أطفال الجيران! كن لطيفا مع زملائك وموظفيك! كن لطيفا مع أمك وأبيك! كن لطيفا مع من تحب! كن لطيفا مع المكان والممتكات والأشجار. ولا تنسَ أن تكون لطيفا مع نفسك!
صحيح أننا جميعا نحب أن نكون مهمين، ولكن يجب علينا أن نعرف أنه من الأهم أن نكون محبوبين!
فهل يمكن أن نكون محبوبين إن كنا غير قادرين على التعامل مع بعضنا البعض بحب ولطف!
كل عام وأنتم بخير!
ألقاكم بحب وسلام،