خاطرتان على متن الطائرة
محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة
الخاطرة الأولى..
لا أدري لماذا يحاول العرب دائماً مواكبة الحضارة الغربية بتقليد خيرها وشرِّها معاً؟ هل هو تقليدُ المغلوب للغالب؟ أم تَتَبُّعٌ لسنن الحضارات المادية مِن حولِنا حَذْوَ القذةِ بالقذة؟ ولماذا لا نبدأ من حيث بدأوا بالصناعات الاستراتيجية المُحققةِ للاكتفاءِ الذاتي؟
أحترم وأعتز بحكومة قطر وشعبها الأبيّ الذي وقف مواقف مشرفة مع ثورات الربيع العربي، ولكن ما شاهدته على متن رحلات خطوطها الجوية من تقديم الخمور بأنواعها غير لائق بما تحظى به من الاحترام، فهي أولاً وأخيراً دولة عربية مسلمة، لم تتبرّأ من هُوِّيتها تلك حتى الآن فيما أعلم، وليستْ بحاجة إلى هذا النهج لترسِّخ مكانتها، ولن يضير شركاتِها السياحيةَ أن تقدّم خدمة سياحية نظيفة تميّزها عن الوسط الموبوء.
هي نصيحة من قلبٍ مُشفق على بلدٍ احتمل الكثيرَ في سبيل أشقائه العرب، بلدٍ أخشى أن تدركه عقوبة محق النعمة التي أنعمها الله عليه، في سبيل إرضاء شهوات بعض "الزبائن".
لستم مضطرين لهذا المسلك طالما أنَّ مَن قسم الأرزاق يَعِدُ بالمزيد لمن آمن واتقى.. "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ"..
الخاطرة الثانية..
أمتعض امتعاضاً شديداً حينما ألمح مسؤولين في المعارضة السورية لا يَطيب لهم ركوبُ الطائرة إلا في الدرجة الأولى أو درجة رجال الأعمال، ويشتد امتعاضي حينما أشاهد عدداً منهم في نفس الدرجة إلى جانب بعضهم، ما يعني أنهم كانوا في مهمة "نضالية" مفترضة في سبيل الشعب السوري، لا مهمة سياحية!
وأتساءل.. إذا كان مناضلونا السياسيون يستنكفون من الآن عن مجاورة العامة - أمثالي - في درجة الضيافة، فكيف سيكون حالهم مع الشعب إذا نبتت أنيابهم وتقلدوا المناصب والمسؤوليات؟!
ألا يُفترض أن يُعَدَّ الركوبُ في الدرجة الأولى من الطائرات من خوارم المروءة بالنسبة للسوريين في هذه المرحلة؟!
أليس الأولى أن تُدفع فضولُ أموال السوريين إلى مَن يستحقها من أبناء شعبهم؟
والسؤال الأهم.. على حساب مَن يتمّ اقتطاع نفقات هذا الترف؟
فإن كانت من جيب "المناضل" فتلك مصيبة.. وإن كانت من جيب الشعب فالمصيبة أعظم.
ملاحظة: أستثني من هذا الحديث من اضطرّ للدرجة الأولى اضطراراً.. غير باغٍ ولا عادٍ.
ملاحظة أخرى لعشاق الدرجة الأولى: إذا سقطت الطائرة فلن يميّز الموت بين ركاب الدرجتين.