إنها امرأتي
عمرو الغامدي
كانت كل ذرة فيها تمثل شعباً كاملاً , بكامل فكره وثورته ورفضه .. كانت ترفض فكرة الانتهاء .. تناست كل المسلّمات التي تحدث حولها , فالإنسان يفنى .. والورد يذبل .. والماء يتبخر , لكنها تناست هذا كله وأيقنت بشيء واحد .. أن اللحظات الجميلة لا تنتهي .
كانت عيناها مثل قبضة رجل حديديّ فكلما أغمضتها .. زاد تمسكها بحبّها .. إنها امرأة مُخلصة , لكنها لا تؤمن بفكرة الانتهاء .
وهذا ما جعلها تفكر بالانتحار , وبالرغم من أن الانتحار نهاية , لكنها لم تؤمن بها كذلك .. إنه لأمر معقد , .
إنها امرأتي الخارقة , التي كانت تحمل هدفاً عظيماً , صارعت لأجله وعانقت الكثير من الآلام .. كيّ تجعلني رجلاً سعيداً . إنها شعب .. حقا ً .
كان الحب لديها ثورة على جنسها , وكانت كلّما ازدادت غرقاً في الحب , زاد توسع قطر دائرة الثورة , استعملت كلّ الوسائل من اعتصام ومظاهرات وشغب .. كان هدفها أن تحتلّ قلبي , كان قلبي سهلاً .. أسهل من قراءة طرفة , لكنها تؤمن بأمر مهم , ما أتى سهلاً يذهب سهلا ً , وهذا نتاج فكرها بأن الانتهاء أمر غير موجود. إن قاتلنا لأجله .
أحياناً أعتقد بأنها رسمتني على ورقة , ووضعت دائرة حول قلبي , وكتبت هنا الهدف , ثم حددت أماكن الدخول المحتملة .. ثم شرعت بالتنفيذ , لم يخطر في خُلدها أن تحدد أماكن الخروج , وهذا ما جعلها منهزمة وحائرة عند الانسحاب , وقد يكلفها الكثير إيمانها بعدم وجود الانتهاء.
لكنها كانت مثل الاستحلال , خرجت بعد أن شعرت بتورطها في القضية , وتركت في كل زاوية آثار حرب , حربٌ سلمية .. لا تحمل نتيجة ولا أي احتمالات أخرى .
كان خروجها مريباً , دون أن تترك عُملاء أو حتى سفراء.
كان يعني أنها اقتنعت بوجود الانتهاء , لكن الأغرب حين سألتها , هل آمنتِ الآن؟
قالت بكل فخر , الانسحاب قد يعني أنني سأعود إليك.!
إنّ الليالي تمضي يا امرأتي , وكل الأشياء العادية .. تحدث , لكن بطريقة أخرى , لابد أن يقع من يدي كأس زجاجيّ , أو على الأقل أتعثر بالحائط .. إنه ذنبك يا سيدتي فلم أتعوّد حتى على الأشياء العادية , إلا معكِ.