سجين الحياة

رؤى الأديب

لحظات العمر تمضي مسرعة،حاملة معها شتى أنواع المرارة والحرمان ... اليأس والهوان ... الأسى والأحزان ... أقسى سويعات الزمان ...

لحظات وذكريات  تجسدت في صورة إنسان ، نالت منه الدنيا .. أطبقت عليه فكيها المفترسين .. أحكمت قبضتها عليه ..أنزلت به ألوان البؤس والشقاء ، وأصناف الأذى والبلاء ..حجبت عنه الراحة والهناء ..وحرمته من السعادة والفرح , من الأمن والاطمئنان ، من الهدوء والاستقرار ،

أحالته سجينا لها ، في سرداب مظلم  موحش  مهجور ، مليء بالفزاعات،

رمته في زاوية مهملة  من زنزانة ضيقة ، لاتحوي منفذا للنور ، ولا متنفسا  يتسرب منه الهواء... بقع الدماء تحيط به من كل جهة .. رائحتها تقتحم أنفاسه المتعبة ، تكاد تخنقه ،

والبرد يفتك بعظامه .. يجمدها ، ثم يفتتها .. جسمه ينتفض ، أطرافه ترتعش ،

الذعر يملأ قلبه الضعيف الذي باتت طرقاته مسموعة في عالم السكون المخيم على أجواء القفص المرعب ..

تكالبت مخالب الدنيا عليه .. أضعفته وأوهنته .. عذبته وما رحمته ..سلبت منه طاقاته .. حتى غدا بلا حول ولا قوة  .. وليتها اكتفت بذلك !.

منعت عنه أحلامه ، وجافى النوم عينيه المذعورتين .. فلم يعد يرى سوى كوابيس اليقظة تحاول الانقضاض عليه ..

أما ذلك المسكين فتجده يقاوم تارة ويضعف أخرى ، يقوى مرة وينهار مرات .. يحاول أن ينهض على قدميه النحيلتين المنهكتين . لكنه سرعان مايسقط أرضا مغشيا عليه

يصارع عباب الموت .. يـُزهق روحه مرارا ًوتكرارا ً.. ولكنه لم يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد .. بل تراه يردد كلما اشتد عليه الخطب .. وبصوته الخافت المتقطع " ضاقت ولما استحكمت حلقاتها ...."  ..ثم يصمت برهة ، وكأنه ينتظر رحمة ربه وفرجه  كي يتمتم بقية الشطر الأخير من البيت .." فرجت وكنت أظنها لا تفرج " ....

فهل سيأتي اليوم الذي سيردد فيه هذا الشطر .. ويكمل به بيت الشعر ؟؟

وكيف عساه يكون الفرج .. بشفقة الدنيا عليه .. أم بتحريره من سجنه إلى الأبد..؟؟