غصة

ثامر إبراهيم المصاروة

ثامر إبراهيم المصاروة

[email protected]

عندما تُغلِقُ عليك بابَكَ، وتلملمُ جميع أوراقِكُ، وتعيشُ قمةَ السعادةِ بل السعادةَ كُلَّها، وتستعدُّ للانطلاق، قد فُتحَ المستقبلُ أمامَك على مصراعيهِ، فتحضرُ جميعَ حاجاتِك، وفجأةً ومن دون صفارةِ إنذار، أو مقدمات، تُتَهم وتَقعُ في قفصِ القضاءِ، بأيِّ تهمة؟ وماذا ارتكبتَ؟ وأيَّ جُرمٍ فعلتَ؟ قد كنتَ سعيداً، فماذا حدث ؟ .

وجدتُ الأقاويلَ والإشاعاتِ بل الاتهاماتِ، توجهُ إلى نفسي من جميعِ الاتجاهاتِ، قد وصلَ الخبرُ إلى معظمِ المخلوقاتِ، إذا لم يكن جميعها، فكانت تلك الإشاعاتُ تُقذف إلى القلبِ كالسيوفِ والسهامِ، بل كالخناجرِ فتذبحهُ وتصلُ إلى الوريدِ فتقطعهُ .

صدقوني بكلِّ ما أقول، والمُتهم لا يجدُ ما يدافعُ به عن نفسهِ، بل لا يمتلك سوى الدموعِ في عينيهِ تنزلُ من دون أيِّ كلام، لم أقلْ هذا؛ لجلبِ الرأفةِ والشفقةِ إلى قضيتي، ولكن فعلاً إننيّ بريءٌ ولم أفعلْ ذلك، ولكنني ضعيفٌ في حقِ نفسي، ماذا أعملُ ؟ .

لم امتلكْ غير الصمتِ، قد لا يكون من صالحي،  وقد يُثبِت حدوثَ الجريمةِ، أأصرخُ وأقول ( واللهِ العظيم ) إنني مظلوم من الإشاعاتِ المنسوبةِ إليَّ، ولكن هيهات من يُصدق، وأنا لا أملكُ أيَّ دليلٍ على براءتي .

في تلك اللحظةِ كنتُ أنتظرُ القدرَ، والنصيبَ ( الحظ ) كما نسميهِ نحن، عندما وجدني ملقياً على الطرقاتِ جريحًا، بل ينزفُ القلبُ دمًا، وتذرفُ العيون دمعًا، أن يُسعفني ويُخففَ من ألمي، لكنه للأسف خيَّبَ أملي، فلا تظن أنَّ الحياةَ عندما عادت إلى جسدي أننيّ حيّ، بل أموتُ وأحيا في الثانية ألف مرَّة .

لم تعد الدنيا في نظري كما كانت مليئةً بالابتساماتِ، فأنا ما زلتُ ميتًا في ثوب الحياةِ؛ لأنه عندما تطرقُ بابي تلكَ اللحظاتُ، وهذه الذكرياتُ أشعرُ بغصةٍ تُؤلمُ وتقتُل وتذبح أيضًا في كثيرٍ من الأحيان، ولمّا أرى هؤلاء الناس الذين ألقوا عليّ الاتهاماتِ والنمنماتِ في كلِّ الجلْساتِ، يمرحون ويلعبون، وأنا الجاني كما يدّعون، وأتركُ لك أن تصفَ هذا الشعور .

وتأكد، إنني أعيش رغم كل الطعون مقنعاً ومطمئنًا نفسي بأني المجني عليه وليس الجاني، وأني المظلوم وليس الظالم، ولا أملكُ حولاً ولا قوةً سوى حسبي اللهُ ونعم الوكيل .