المؤسسات الشريرة
حارثة مجاهد ديرانية
إن الناس ينفرون بطبعهم من الأشرار، ولو أنهم عرفوا أن جاراً لهم يعيش في حيهم هو قاتل سفاك أراق من قبل دماء البرآء من الناس ثم لم يتب ولم يأخذ أحد على يديه لقاطعوه جميعاً ولما عامله أحد منهم كما يعامل غيره من الناس العاديين. هذا ما يصنعه الناس مع غيرهم من الناس المعتدين الظالمين، وما درى كثير منهم أن من المؤسسات من هي شريرة أيضاً، أو محرضة على الظلم وإراقة الدماء، كما أن من الناس من هم كذلك! وهل المؤسسات إلا كائنات تدار بواسطة من يقومون عليها من البشر، فتتطبع بطباعهم ويتشكل منهجها بحسب ما يحبون وما يكرهون، فإن كانوا طيبين كانت طيبة مثلهم، وإن كانوا أشراراً كانت كذلك؟
لم يدركوا ذلك فلم تتحرك في نفوسهم الغريزة الطيبة التي تدفعهم إلى النفور من تلك المؤسسات الشريرة كما نفروا من الأشرار من البشر، وبقيت تلك الغريزة نائمة تنتظر من يوقظها ويبعث فيها الحياة. لقد جربت أن يعتصر الألم قلبي وأنا أرى بعض المحلات التجارية الشهيرة التي عرف عنها دعمها المعنوي والمادي لأكبر قوى الشر والظلم على ظهر هذه الأرض اليوم، أرى الناس يأمون هذه المتاجر الشريرة حتى أموها أكثر مما أموا غيرها. هكذا رأيتهم يصنعون في بلادي وبلاد غيرها من بلاد المسلمين ذهبت إليها. ولولا أن الموضع هنا لا يسمح لي بذكر الأسماء لكنت سميت، على ظني أني في غنى عن أسمي لأن تلك المؤسسات الآثمة ليست ممن يستحيي بذنبه فيواريه وراء الستار، بل هي تتبجح بخطاياها بكل وقاحة وجرأة لا تبالي بمشاعر الناس. والآن آن الأوان للناس أن يفتحوا أعينهم وآذانهم وينفضوا عن هذه المؤسسات التي لوثت أيديها بالدماء والآثام، وهذه المعارضة "السلبية" هي أضعف الإيمان إن لم يستطيعوا محاربتها محاربة "إيجابية" لأنها لا تستحق البقاء، ولا ينبغي لها ولن تبقى لأن من سنن الله أن الأشرار لا يلبثون طويلاً، والأرض ومن عليها أبداً في تغير مستمر.
وأملي الآن أنني لن أحتاج إلى أكثر من تذكير الناس حتى تثمر هذه الذكرى وتعمل عملها فيهم، ذلك أن النزعة الطيبة عندهم لكره الأشرار كافة وترك دعمهم بأي وسيلة مهما كانت هي غريزة راسخة فيهم، ولا يحتاجون إلا لأن يذكروا فيستجيبوا ويقال لهم فيعملوا.
فهل أرى ما كنت أملته حقاً؟