حقائق جريئة

عبد الرحمن السيد

[email protected]

الحمد لله وحده وصلاة وسلاما على من لا نبي بعده ثم أما بعد...

قرأت قصة قصيرة عن طفل من الأطفال ملأ البيت سرورا وسعادة ثم غادر الحياة في سرعة عجيبة كان بقاؤه على ظهر هذه الأرض ما يقارب الأربعة أعوام ونصف..

حزن الأهل والأصحاب وخيم الحزن على الجميع، وفارق الحبيب..

تأثرت بتلك القصة قصة الطفل يوسف..

وكما هي العادة أصابني بعض الحزن ولكن لابد من نفحات وفيوضات تتبع الهم والحزن كما هو المعتاد...

أخذت أتأمل في حال ذلك الإنسان وذلك الحزن الذي يصاحبه بفقد حبيب أو صاحب أو قريب...

وقلت: الناس تحزن بفقد حبيب وهم يعتقدون أن حبيبهم هو ذلك الجسد..

وفي الحقيقة أن الجسد ما هو إلا مسكن وغطاء لتلك الروح التي هي حقيقة الإنسان؛ والدليل أن الجسد يبلى وينتهي والروح التي هي الإنسان تبقى وتصعد إما إلى جنات النعيم جعلني الله وإياكم من أهلها أو إلى نار الجحيم أعاذنا الله...

ولكن الناس لا تدرك تلك الحقيقة فتعلقهم بالجسد جسد الشخص أكثر من تعلقهم بروحه التي هي حقيقته فتجدهم يقبلون ذلك الجسد ويضمونه ؛ ولكن ما الفائدة فبعد مدة قصيرة يلقونه ويضعون عليه التراب.

أما صاحب الجسد فقد رحل.. هناك في عالم آخر لا ندري كنهه أو حقيقته إلا بعد دخوله.

والذي جعل الناس يعتقدون ذلك الإعتقاد في الجسد أنهم لم يعرفوا ذلك الشخص إلا عن طريق ذلك الجسد.. فالكلام صادر منه، والإحساس والفرح والحزن يرتسم على وجه ذلك الجسد، بل ألفوا ذلك الجسد من صغره إلى أن غادرته تلك الروح.. روح الإنسان؛ بل ذلك الجسد ما خرج إلا من بطن أمه فهي تتعلق بشيء منها أما الروح التي هي حقيقة الإنسان فقد نفخها الله حيث أرسل الملَك وأمره بنفخها بعدما مضى على الجسد في بطن أمه أربعين يوما كما جاء في الحديث الذي يرويه عبد الله بن مسعود قال: ((حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا )) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.

والنفس الإنسانية بطبيعتها التي خلقها الله تألف ما تتعود عليه وتحبه، وإذا كان هناك تبادل للأحاسيس فإن الإلف يكون أقوى وأشد كما هو الحاصل مع البشر.

إذن فالواجب أن يكون التعامل مع الروح فهذا هو الأولى بل هو الصحيح و كذلك يكون التعامل مع الجسد بما يسعد الروح وإلا فلا.

وإلى اللقاء مع حقيقة أخرى...