أواه ... يا عيد
جميل السلحوت
يعيش المسلمون هذه الأيام أجواء عيد الأضحى المبارك ، حيث يقف أكثر من خمسة ملايين مسلم على عرفة يؤدون مناسك الحج ، ويؤدون الصلوات مضاعفة الثواب بإذن الله في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة ، وفي الكعبة المشرفة في مكة المكرمة ، وهذه فريضة دينية هي بمثابة الركن الخامس من أركان الاسلام لمن استطاع اليها سبيلا .
وتمر هذه المناسبة الدينية السنوية ، وفلسطين تحت الاحتلال ، والعراق تحت الاحتلال ويدمر ويذبح شعبه ، وأفغانستان تحت الاحتلال ، واقليم دارفور وجنوب السودان يستعدان للانفصال عن السودان، ولبنان لا يستطيع التوافق على رئيس ، والتفجيرات في الجزائر ، وسبقتها في المغرب والسعودية وسوريا والأردن ولبنان واليمن وغيرها ، والقواعد العسكرية الأجنبية تتحكم بكثير من بلدان العرب والمسلمين ورقاب شعوب هذه البلدان ، والرئيس جورج بوش الابن ينتظر أوامر الرب لتنفيذ احتلالات جديدة .
والمحزن أن الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967 تعيش حالة صراع مريرة على سلطة تحت الاحتلال ، بحيث انفصلت "امارة غزة الاسلامية " عن " امبراطورية الضفة الغربية الوطنية " ، ويعيش أكثر من مليون وربع المليون فلسطيني في غزة حصاراً مشدداً أوصلهم الى درجة التجويع والترويع ، وانجراف قبور الموتى بما فيها قبور الشهداء الأحياء عند ربهم يرزقون، نتيجة عدم دخول الاسمنت الى قطاع غزة حتى لبناء القبور . ويموت المرضى من قلة الدواء ، ويتم قتل العشرات من أبناء القطاع شهرياً ، عدا عن جرح المئات جراح بعضهم يورث اعاقات دائمة ، واذا كان انقلاب حماس مُدان في كل الأحوال فإن حصار شعبنا في غزة لا مبرر له على الاطلاق ولا يمكن السكوت عليه .
أما في الضفة الغربية فإن شمعداناً ذهبياً بزنة خمسة وأربعين كيلو غرام من الذهب الخالص ينتصب عالياً في حارة المغاربة قرب حائط البراق تمهيداً لرفعه على الهيكل الذي يخطط لبنائه على أنقاض المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأحد المساجد الثلاثة التي تشد اليها الرحال ، هذا المسجد الذي نخرت الحفريات الاسرائيلية أساساته، وأصبح عرضه للانهيار في أي كارثة طبيعية إن لم يكن بفعل فاعل،وكنيس يهودي على بعد أقل من مئة متر عن فبة الصخرة المشرفة .
وجدار التوسع الاسرائيلي فرق بين المرء الفلسطيني وأخيه ،وصاحبته وبنيه وحتى بيته الذي يؤويه ، والحواجز العسكرية التي تزيد على الخمسمائة حاجز قسمت الضفة الى كانتونات منفصلة أصبح التنقل بينها ضرب من ضروب المستحيل ، وأكثر من عشرة آلاف أسير يقبعون خلف جدران السجون في ظروف غاية في الصعوبة ، وانتهاكات مستمره لحقوق الانسان ، عدا عن الاجتياحات العسكرية التي تحصد أرواحاً وتدمر ممتلكات ، وعدا عن المستوطنات التي تتضخم بشكل سرطاني . وعدا عن البطالة المصاحبة للحصار التي أوصلت أكثر من نصف سكان الأراضي المحتلة الى دون مستةى خط الفقر، ولولا المساعدات الغذائية التي تقدمها وكالة الغوث وبعض المؤسسات الدولية " الخيرية " لانتشرت المجاعة ووصل البلاء الى ذروته .
ويعود العيد وأطفال الشهداء والأسرى ، وحتى أطفال الشعب الفلسطيني في سجنهم الكبير لا يجدون ثوباً جديداً ، أو لعبة يلهون بها ، وخاروف العيد سيبقى حراً طليقاً ليكون غذاءاً احياطياً لأثرياء الحرب ولسارقي قوت الشعب، الذي يصمون آذاننا في الفضائيات، وهم ينظرون عن التحرير والنضال والجهاد ويوم الفرج القريب .
ويعود العيد وحال أمة غثاء السيل لا يسر صديقاً ، وهي لا تملك إلاّ أضعف الايمان برفع الأيدي الى المولى عزّ وجل كي يفرج الكرب، ويزيل الغمّة ويرفع الهمّة .
فكل عام وأمتنا بخير، ولنردد معاً ما قاله شاعر العراق جميل صدقي الزهاوي قبل أكثر من قرن :
ناموا ولا تستيقظوا أيها العرب******** فما فاز إلا النوّم
ولا يعلم الا الله من هي البلد التي ستكون الضحية القادمة .