أريدُ.. جَدّاً!
جُمان يوسف النتشة
كلية الطب - جامعة القدس/ فلسطين
أريدُ جَــدّاً!
جَدّاً كجدي الذي سافرَ.. وتركني دون جدّ!
يزورنا.. ويضمّنا.. ويحكي…
الدنيا تمطر بغزارة.. وعيون السماء تبكي إلى الأرض ماءً.. من عند الذين نحبّهم..
وإنّ الذي يطرق نافذتي الآن قطراتٌ رأتْ جدي هناكَ في السماء.. وهي الآن تبلغني منه سلاماً.. لكنها عاجزة عن العودة لتخبره إني هنا.. أرسل له خفقات قلبي..
أريد جَداً.. أقبّل يديه ورأسه الأبيض.. وأشمّ رائحة عطره.. وأسمع صوته يتلو: " وأشرقتْ الأرض بنور ربّها!"
أريد جَداً.. أتحدث إليه عن الدنيا.. ويتحدث إليّ عمّا عاشه صغيراً.. ثم هو اليوم يُروى صفحاتِ تاريخ!
كنا -أنا الصغيرة وأختاي- نقف أمام جدي.. نلقي له شعراً.. ونُسمعه منّا نشيداً وتمثيلاً وتقليداً!.. نخبره جديدَ مدرستنا.. ومعلماتنا وأساتذتنا.. وزميلاتنا.. وصفوفنا.. ومسابقاتنا الكثيرة.. فيتلألأ وجهه!
ولقد بكى جدي مرةً لمّا أسمعناه عن الوطن نشيداً.. ترقرقت في عينه دمعة لا أزال أذكرها!
كانت دمعةً رقيقة حلوة.. دمعة مؤلمة تائهة.. ترجوه أن يخرجها إذ هي في أصل إنسانيته سبيلٌ يُخمد النار.. ويأبى هو.. إذ إنّ فيه رجلاً يصبر!
لكنّ الإنسان يغلب الرجل أبداً!..
والقلب يغلب العقل أبداً.. والنفس تغلبُ الجسد أبداً.. والروح تسمو!
يا جدي.. سلامٌ عليك.. وسلامٌ إليك..
ولتترفق بنا.. أيها المطر!