غزوة بدر الكبرى
رضوان سلمان حمدان
في رمضان من السنة الثانية للهجرة كانت غزوة بدر الكبرى، وكانت إذنًا من الله تعالى للمظلومين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يقتصوا من ظالميهم
﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( 39 ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ..﴾ الحج
وكانت إيذانًا من الله تعالى بالتمكين لأهل الصلاح وحملة رسالة الخير
﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ﴾41 الحج.
وكان يوم بدر فاصلاً في تاريخ المسلمين ودولتهم الناشئة.. أسماه الله تعالى يوم الفرقان الذي فرَّق به بين الحق والباطل..
﴿ يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ﴾ الأنفال من الآية 41
.. وماذا لو انهزم المسلمون يومها؟ أكانت تقوم لدولتهم قائمة؟ وكم كانت تخسر البشرية كلها لو زالت دولة الإسلام يومها، ولم تعد للحق منارة ولا راية؟؟ لقد وقف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يومها يدعو الله ويلحُّ عليه في الدعاء قائلاً: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض".. أما أصحابه الذين نذروا أنفسهم لفداء الحق ونصْب ميزان العدل فقد قال قائلهم للرسول الأعظم- صلى الله عليه وسلم-: والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلَّف منا رجل واحد.."، كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ليس بينهم سوى فارسين يلاقون ثلاثة أضعافهم عددًا، وصفهم النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله في دعائه:
"اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عالة فأغنهم، جياع فأطعمهم"
فلم تقعد بهم قلة العدد والعدة وشدة الضرورة والحاجة عن نصرة الحق الذي أخلصوا له، والفكرة التي انبعثوا من أجلها.. فلا عجبَ أن كان انتصارهم عزاءً للمستضعفين في الأرض الذين يبحثون عن غدٍ أفضل لعالمهم، وإعزازًا للدعاة إلى الحق المطارد وهم يصرون على مواصلة طريقهم، وإن أجلبت عليهم قوى الشر، ورمتهم عن قوسٍ واحدة..