هل تعرف مصر سيدنا إبراهيم "عليه السلام"
هل تعرف مصر سيدنا إبراهيم "عليه السلام"؟!
ريما عبد القادر /غزة
سيدنا وأبينا وخليل الرحمان إبراهيم "عليه الصلاة والسلام" كانت كل مرحلة من مراحل حياته تشهد حدثا عظيما. وأجمل ما جلب الأذهان حينما سئل "عليه الصلاة والسلام" عند الموت: ياإبراهيم، ما هي أفضل الأيام التي عشتها في حياتك؟ قال: "الأيام التي قضيتها في النار، قالوا كيف: قال :"كان ربي يطعمني ويسقيني من الجنة" .ما أجملها من كلمات استشعرت معانيها حينما اطلعت عليها في كتاب قصص الأنبياء للداعية عمرو خالد.
ليركز المرء أكثر في كلمات أبينا "عليه الصلاة والسلام" :" كان ربي يطعمني ويسقيني من الجنة" بالله على كل إنسان أن يتفكر بهذه الكلمات، وهنا التفكير مطلوب من الشقيقة مصر. هذا الأمر يؤكد بأن الله تعالى هو الذي يطعم الجائع، ويأمن الخائف...أتمنى أن يتخيل المرء بأن سيدنا إبراهيم "عليه الصلاة والسلام" بالنار فيأتي عليه جبريل "عليه السلام" يا إبراهيم، ألك حاجة؟ ويرد سيدنا إبراهيم "عليه السلام":" أما إليك فلا وأما إلى الله تعالى فنعم، علمه بحالي يغني عن سؤالي".
ومع صعوبة الموقف بوجود الثقة الكبيرة بالله عزوجل جاء قول الله تعالى :" قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم"، سبحان الله تعالى وحمدا له كما ينبغي لجلال وجهه العظيم، جعل النار بردا ولم يكتفي بذلك فحسب بل جعلها سلاما أيضا حيث أن من رحمته عزوجل أن يجعلها سلاما فلو كانت بردا فقط لمات سيدنا إبراهيم "عليه الصلاة والسلام". هذا يجعلني أقول" يارب إجعل حصار غزة بردا وسلاما كما جعلت النار بردا وسلاما على سيدنا إبراهيم"عليه الصلاة والسلام"".
أتمنى على القارئ أن يتخيل أنه هو في النار ويشعر بالجوع والجميع عليه ولا يوجد من ينصره من البشر، والجميع من حوله ينتظر حرقه وموته، اعتقد أنه لا يرغب أحد منكم أن يكون في هذا المقام حتى وإن كان الأمر مجرد تخيل. قد يكون مع الجميع حق فالأمر مرعب ورهيب!.
هذا الأمر يجعلني أقول لغزة مثلما قال إبراهيم "عليه الصلاة والسلام"،" إن أراد العالم وضعنا في منجانيق وقذفنا في النار..فلنا الله تعالى، وإن أراد العالم حصارنا وقتلنا فسنقول لهم لنا الله تعالى، وإن أراد الاحتلال بناء جدار يقابله الجدار المصري فسنقول أيضا "لنا أرحم الراحمين".
أطعم الله تعالى سيدنا إبراهيم"عليه الصلاة والسلام" والله إنه قادر على أن يطعم أهل غزة!! ومن جعل النار بردا وسلاما قادر على أن يكسر حصار غزة...ووو....والله على كل شيئا قدير.
أذكر في السنة الأولى من الحصار حيث الأوضاع صعبة لا يوجد طحين ..لا يوجد غاز..لا يوجد الكثير من الأشياء الأساسية، هبت خنساوات غزة لمعبر رفح في محاولة منهن لفتح المعبر، وبالفعل تم ذلك ودخل العشرات من سكان قطاع غزة إلى العريش، وأيضا جاء من سكان العريش قطاع غزة.هذا الأمر أدخل الهواء في الجهاز التنفسي لقطاع غزة حيث شعروا بشيء من الحرية خاصة الشباب الذين لم يصيبهم يوما نصيب السفر.
أجمل مافي تلك اللحظات حينما خاطب الرئيس المصري محمد مبارك وقال:"لن نجعل غزة تجوع" هذه الكلمات اثلجت صدور أبناء غزة، لكن يبدو أن الثلج سرعان ما تبخر مع خطابة الأخير حينما أكد على مواصلة بناء الجدار الفولازي من أجل حماية أمن مصر وسيادة مصر !!!!! كثير ما كانت هذه الكلمات تدور في عقلي وأسأل نفسي "هل دخول علبة حليب لغزة يشكل خطر لمصر ويهدد أمنها؟؟؟!!، أو أن حبة دواء تصل مريض في غزة تشكل قنبلة للأمن المصري؟؟! ".
يبدو أن مصر لم تعلم جيدا قصة سيدنا إبراهيم "عليه الصلاة والسلام" والله لإن علمتها وأيقنت أحداثها ما كانت أخذت في بناء هذا الجدار...والله يامصر، جدارك لن يجعلنا نخضع أو نركع إلا لله عزوجل حتى وإن لم يتبقى في غزة قطعة خبز..فمن أطعم إبراهيم "عليه الصلاة والسلام" سيطعمنا.
قبل أيام قليلة قال لي أحد الزملاء :"قد يحدث زلزال في فلسطين في المناطق المحتلة من قبل الاحتلال الإسرائيلي أكبر بكثير من زلزال هايتي" أجبته بما قاله سيدنا إبراهيم "عليه الصلاة والسلام" :" كان ربي يطعمني ويسقيني من الجنة" فكانت هذه أجمل أيامه رغم أن الجميع كان ينظر لها بأنها أصعب أيامه.
قلت له :"حصار مشدد..حرب غزة ..جدار فولازي ..قطع الكهرباء ..هذا يجعلنا نستبشر بأن الفرج كبير ومهما ضاقت سوف تفرج لكن الأمر يحتاج إلى صبر وإن امتلكنا الصبر فسيكون الله معنا". لذلك أدعو الله عزوجل مثلما دعا نبي الله تعالى سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام" بان يرزقه الله الصبر الجميل، اللهم أرزفنا الصبر الجميل.... اللهم ارزقنا الصبر الجميل..اللهم إن غزة تشكو بثها وحزنها إليك..اللهم ارحمنا بما رحمت به عبادك الصالحين ..اللهم عليك بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين..اللهم إن أغلقت أبواب عبادك فإن رحمتك وسعت كل شيء ..اللهم انظر إلينا كما نظرت لسيدنا إبراهيم "عليه الصلاة والسلام" ..اللهم صبرنا كما صبرت النبي أيوب "عليه الصلاة والسلام" اللهم نجينا كما نجيت النبي نوح "عليه الصلاة والسلام"..اللهم طهر قلوبنا من الغل كما طهرت قلب سيدنا وحبيبنا محمد "صلى الله عليه وسلم"..يا مغيث أغث غزة ..يا مغيث أغث القدس..يا مغيث أغث فلسطين ...اللهم آمين يا أرحم الراحمين.
"رحم الله قارئا دعا لنفسه ولغزة بالمغفرة والله غالب على أمره ولكن اكثر الناس لا يعلمون"