الكثير من الضحك القليل من الكهرباء
الكثير من الضحك
القليل من الكهرباء
(من يوميات امرأة محاصرة في غزة)
سما حسن -فلسطين
بالأمس كان يوما عاديا ينقطع فيه التيار الكهربي لفترة طويلة، واعود في المساء مرهقة إلى البيت ، محملة بأكياس سوداء بلاستيكية بها الكثير من المنظفات للبيت، وذلك خوفا من شحها بعد أن بدأت مصر في بناء الجدار الفولاذي، ومعنى ذلك أن تنقطع البضائع عن الوصول لغزة عبر الأنفاق الممتدة كأفاع تحت الأرض بين غزة ومصر…..
مرهقة أضع الكثير من أصناف الطعام أمام الصغار على المائدة وأقضم تفاحة كبيرة وأهرع لسريري لأرتاح وأعلن أمامهم: اللي بيحب ماما بيشغل صامت الصوت……….
وأقصد بكاتم الصوت أن يصمت الأطفال تماما من أجل أن أنام، هكذا دائماأقول لهم" تخيلواأنفسكم عبارة عن أجهزة ريموت كونترول خاصة بالتلفاز…..
تخيلوا ان يكون لدي أربعة اجهزة ريموت كونترول
والصغار يفعلون ويتخيلون ولذا حين أنشد الهوء أصرخ بهم:كلو يشغل كاتم الصوت……..
وهكذا قاضمة على التفاحة الحمراء وكأني أقضم الحياة الجميلة التي احلم بها ، أهرع لسريري لأرتاح وأترك الصغار على المائدة يستمتعون بالطعام الذي جلبته لهم بآخر ورقة نقدية أملكها ……. فالأمس كان اليوم الأخير من الشهر……
وحين أصبحت في السرير وتكورت وأنا ممسكة بتفاحتي الشهية تناهي لمسمعي صوت الصغار……
أنصت كملك ينصت إلى حاشيته كما كان يفعل الملوك في الأيام الغابرة ، وحين لم يكونوا يهوون الكراسي ولا يعرفون كيف يتركونها، كان صغاري يتحدثون بحديث أثلج صدري……
ابني الأكبر كان يقول: بكرة بس أكبر ويصير لي بيت راح اخد ماما تعيش عندي
صاح الصغير: لا ماما راح تعيش في بيتي……..
صاحت ابنتي الكبرى: لا ماما لا يمكن تعيش عند " كنتها" ماما راح تعيش في بيتي
زمجر الكبير قائلا: لا ماما راح تعيش في بيتي أنا ابنها الكبير هيك العادات عنا في غزة………
صاح الصغير: لا ماما حبيبتي وراح تعيش عندي ، هي بتحبني وما بتستغني عني……..
رد الكبير وردت الصغيرة: لا أنت مزعج وكتير الحركة وماما تحب لاهدوء
زمجر الصغير وضغط على أسنانه حتى شعرت بها سوف تتكسر عن بعد: لا أنا راح اشتري لها قطتين
واحدة راح اسميها " أس أس" على اسم القطة اللي ماتت
والتانية بس بس …….عشان تتسلى ماما فيهم لما تصير عجوزة
رد ابني الكبير: لاأنا راح اعمل لماما اشي احسن من القطط
التفت له جميع الأبناء واستحثوه أن يتكلم فصاح ويهو يضرب صدره بقبضتيه: انا راح اجوزها………
اه راح اجيب عريس لماما تتسلى هي وهو ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ضحكت
وشرقت بالتفاحة
ونهضت من السرير واحتضنتهم جميعا
على احساسهم وعلى حبهم
ولم انس أن أسأل ابني الكبير: ياماما على ماتكبر راح كون انا في الخمسين من عمري
ياترى كم حيكون عمر العريس؟