اليوم المثالي
حارثة مجاهد ديرانية
كثير منا يؤجل أعماله ويؤخرها لأنه ينتظر، ينتظر "اليوم المثالي" أن يأتي لكي ينجز فيه أعماله وأحلامه. فهل تعلمون ما هو هذا اليوم المثالي؟
إنه يوم لا مشاغل فيه ولا منغصات، فأنت تستيقظ في ذلك اليوم وليس عليك شاغل يشغلك من أمور عملك أو منزلك أو عائلتك، أو غير ذلك مما قد يشغل المرء وغاب عن بالي الآن من مشاغل، ومشاغل الدنيا -كما تعرفون- لا تكاد تعد ولا تحصى. ولكن انتظر بعد، إذ لا تنتهي قضيتنا هنا، ففي اليوم المثالي يكون ذهنك صافياً أيضاً وغير مشغول بأي معضلة أو هم من هموم الدنيا التي لا نهاية لها، بل إن ذهنك -في ذلك "اليوم المثالي"- يكون متفتحاً تماماً والأفكارُ متدفقةً فيه تدفقاً عجيباً قل أن حظيت بمثله من قبل، وليس هذا فحسب، بل إن همتك تكون -في "يومك المثالي" ذاك- قد بلغت أعالي السماء وتشعر بأنك قادر على أن تنجز في يومك ذاك ما شقَّ عليك أن تنجزه من قبل في أيام أو ربما أسابيع.
إن التفكير في "اليوم المثالي" يثير فزعي حقاً، وينبغي له أن يثير فزعك أنت أيضاً، لأنك ستكتشف يوم تبلغ الخامسة والستين من عمرك أن هذا اليوم لم يمر عليك قط! وأنا أؤكد لك بعد أن درست الموضوع جيداً أن هذا اليوم لن يصادفك أبداً، حتى ولو أمضيت عمرك كله في انتظاره وتصيده، وأشير عليك بقوة أن تبدأ مشروعك من ساعتك هذه، لأن هذا اليوم المثالي، ببساطة شديدة، لا وجود له على أرض الواقع، بل لم يوجد قط إلا في أخيلة بني آدم الذين طبعهم الله على المبالغة في التفاؤل وطول الأمل!