غزة عن الحنين والأنين
أحمد توفيق
ماذا يملك الغريب ليكتب عن الحنين أو لذرف حبر الأنين؟ نوافل الحالات أو شكلية الترف لا تسمح بالكتابة في بلبلة الحالة المعقدة , يكبلني زلزال هاييتي نعم ولا عجب, نفاق نشرات الأخبار لم يدع فسحة حتى لنشعر بوقار الجرح ونحفظ ملامحه ونمعن النظر فيه بعدما اكتمل وأحول , وتؤخذ من جرحانا حمالة المصابين وضمادات الجرح وبقرار أممي لنحمل على قطعة قماش متهرئة في أفضل الحالات.
لا استخف حاشا لله بضحايا الزلزال المدمر ولا أحقر من عظيم مصابهم فكان الله في عون القوم, بقدر ما أتساءل عن نوعية السوق والمزاد الذي تتنوع فيه المصائب وتصنف نوع أول وثان , وبالطبع نحن ذوي النوع الثاني حتى ولو كان قصفنا بأسلحة محرمة دوليا ؟
اسمنت انهار لا باس, قتلى وجثث لا باس ! ربما يعقد مؤتمر في شرم الشيخ البهية لإعلان إعادة أعمار هاييتي ولا ذرائع فالقوم لا يقتتلون وصفهم واحد فلا فتح ولا حماس . والجوكر بيد سيد البيت الأبيض . وليقبل المشاركون كلا الآخر ويخلد للنوم حتى المصيبة القادمة.
هذا التنادي والتجمع العالمي الذي سرعان ما أعطى للقضية زخما تستحقه أو بالغ في ذلك هو احد إفرازات نفاق النظام العالمي, فبينما تشكو منظمات الإغاثة من ازدحام مطار هاييتي كونه يعيق عملية وصول المساعدات, في ذات الحين تنام غزة ملتحفة أنين ركامها ووتتدثر حنين بحرها المحاصر ويبقى أنين أطراف الأطفال ألعوبة برد الشتاء, وأجسادهم الطاهرة فريسة الحر.
. الم تكن غزة تستحق ضعف هذا التنادي والإغاثة وبشرعية السؤال الأخلاقي والإنساني إبان الحرب عليها ؟
كم يحتاج هذا العالم من الثكالى والايامى.والأطفال والنساء والدماء والصراخ والعويل والدمار والخراب والقهر ودوي المدافع لكي يقتنع أسياده بان هؤلاء المخذولين جديرين بالمساعدة ولا أقول النصرة.
يبدو أن إنسانيتنا في عرف النفاق الدولي من النوع الثاني وليس الأول فالأنفاق معيار إنسانيتنا لديهم. ويبشرونك بالنظام العالمي الراقي. عجبت لعالم كهذا.