سورية الله حاميها
سورية الله حاميها
بدرالدين حسن*
حديث اليوم يحتاج بعض التركيز ولايحتاج. يحتاج التركيز ليرى المرء كم أن الانسان ظالم لنفسه ولانسانيته وللناس من حوله وللضعفاء منهم خصوصاً ، وكم يكره المستبد والديكتاتور الانسانية في نفسه وكل القيم التي خلقها اللـه ليحقق بها الانسان انسانيته. ولايحتاج التركيز لأن القضية واضحة فهي أرقام وحقائق ،ومعطياتها ومنتجاتها أشد وضوحاً.
الميزانية العامة في سوريا-حسب المصادر الرسمية - للعام 2005 كانت تسعة آلاف مليون دولار أمريكي و(فوقهم كمان) مئتي مليون أيضا. أما الميزانية للعام 2006 -والتي تمت الموافقة عليها- هي تسعة آلاف مليون دولار أمريكي وفوقهم تسعمئة مليون اكسترا أيضاً. وهنا مربط خيلنا كما يقولون.
واحد موظف كبير كبير كبير ، أشار في مقابلة له مع قناة العربية الفضائية أنّ في سـورية اثنين من صغار الموظفين ، أحدهما كان في عام 1970 (وهو العام الذي كان فيه ما سمي بالحركة التصحيحية للمسار في حزب البعث والنظام السوري الحاكم) موظفا بسيطاً في أحد دوائر الأمن براتب شهري لايزيد عن 60 دولار بأسعار زمن الحركة التصحيحية، ثم صار هذا الموظف يصحح من وضعه ويصحح وتم يصحح وبقي يصحح وأمسى يصحح وبات يصحح وأصبح وأضحى وغدا ومات وهو يصحح من وضعه عن ثروة بسيطة جداً جداً جداً اختلف عليها الورثة وهي حقيقة لاتستاهل مثل هذا الاختلاف والمشاحنة والبغضاء ولاسيما أن المال وسخ الدنيا والأكفان مالها جيوب ثمّ انّ التركة كلها شغلة فاضي ، يعني موظف صغير صغير صغير (ايش حتكون التركة بتوعه) ، ألف ألفين ثلاثة أربعة؟ عشرة عشرون ثلاثون ؟ مئة مئتا ألف.... مليون ؟ الحقيقة والأمانة أن لاأحد يعلم ( لأن الافتراء لايجوز ، والله أكبر على المفتري ). حتى قيض الله لنا واحداً من أهل العلم والمعرفة بل من الشركاء ليقول أن هذا الموظف البسيط والبسيط جداً ترك ثروةً ليست أقل من أربعة ألف ألف ألف دولار ( يعني هي بسيطة جدأ ولكن كاتب المقال عقّدها ) يعني ميراثاً قريياً جداً جداً من نصف ميزانية سورية الوطن والأرض والشعب رجالاً ونساءً ، كباراً وصغاراً (سبحان المعطي).
وأما ثاني هذين الموظفين فهو محاسب في شركة طيران وحاله كحال صاحبه السابق ولكن يبدو أنه صحح في وضعه أكثر وأكثر ، يعني الأول كان يصحح في النهار فصار الثاني يصحح في الليل والنهار فكانت ثروته ضعفين (يعني قدر ميزانية سورية للعام 2005 الا شوية صغيرة).وحتى مانعقدها كانت لاتزيد عن ثمانية ألف مليوووووون دولار ينطح دولار لاغير.
قيامة الرفاق قامت على صاحب المقابلة ، وغضب المجلس نزل عليه ( سبحان ربي) ، والوطنية بتوعهم قامت قومة واحدة وتركوا الحديث عن الاثنين المشار اليهما ولحقوا الموظف الكبير جداً لمحاسبته والحجر على أمواله البالغة مليار دولار ومئة مليون لاغير – على ذمتهم- وهي أقل من عشر ثروة الأثنين الصغار علماً أنه كان يصحح أكثر من الاثنين معاً. وغير هذا ، فالكبير كبير والصغير صغير والأرزاق في النهاية مقسومة (وغير رزقك مبتحوش ولو ركضت ركض الوحوش).
هذه هي الأرقام الفلكية للسرقة والنهب من قوت الناس وعرقهم ومستقبل أبنائهم ولقمة عيشهم تؤكد حقيقةً أن سورية الله حاميها و(هالاتنين البعثيين الاشتراكيين) من أكبر حراميها. t
*كاتب سوري مقيم في كندا