حلب الشهباء عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2006م

حلب الشهباء عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2006م

محمد زهير الخطيب/ كندا

[email protected]

لقد اختيرت مكة المكرمة عاصمة للثقافية الاسلامية لعام 2005 لقيمتها الروحية ومكانتها المقدسة بغض النظر عن المعايير الموضوعة. ‏

وقد تم اختيار مدينة حلب الشهباء عاصمة للثقافة الاسلامية للعام 2006م. وتقع حلب في شمال سورية ويعتبرها بعض المؤرخين من أقدم المدن في التاريخ.

وقد اتخذ هذا القرار المؤتمر الاسلامي لوزراء الثقافة الذي كلف المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم بمتابعة تنفيذ هذا القرار مع وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية.

وقد جاء الاختيار وفق معايير وجود آثار عمرانية تعود إلى أربعة عشر قرناً وهذا الشرط لا يتوفر في معظم المدن الاسلامية الهامة مثل استانبول التي تمثل عمارتها العهد العثماني والقاهرة التي يغلب على عمارتها الطابع المملوكي ودمشق التي تتميز عمارتها بالفترة العباسية وبالطبع لا ينطبق هذا الشرط على مدينة بغداد التي تعرضت عدة مرات للتخريب والمسح الشامل من خلال تاريخها، وقد انطبقت الشروط والمعايير على بعض المدن مثل حلب وأصفهان، وفاس، وشيراز، وتونس العاصمة...

لقد نالت حلب أعلى نسبة في تحقيقها للشروط والمعايير المطلوبة في عاصمة الثقافة الاسلامية مثل الدور الحضاري والمساهمة في الابداع والفكر والثقافة والعلوم وكانت من أقل المدن تأثراً بالتوسع العمراني الحديث من شق شوارع وإقامة أحياء جديدة، ومما جعل حلب في المركز الأول بين المدن الاسلامية اتساع رقعة المدينة القديمة داخل الأسوار إذ تعد الأكبر في العالم وتبلغ مساحتها 418 هكتاراً كما تغطي العمارة الحلبية سائر العصور الاسلامية منذ الخلافة الراشدية مروراً بالعصر الأموي ثم العباسي بكل نزاعاته من حمدانية وفاطمية ومرداسية وسلجوقية وزنكية وأيوبية ومملوكية وعثمانية وحديثة ولكل فترة فيها شواهد معمارية واضحة ما حدا بمنظمة اليونيسكو إلى تسجيل مدينة حلب كواحدة من أهم المدن الاسلامية. ويعود هذا التفرد المعماري لحلب إلى نظام الوقف وهو النظام الأهلي القائم على تخصيص الاوقاف والأموال للخدمات العامة بصورة متكاملة حتى سميت حلب «مدينة الوقف» نظراً للحجم الكبير للممتلكات الوقفية فيها ولتنوع وظائف هذه الممتلكات ثقافياً وصحياً واقتصادياً وانسانياً ومعظمها لا يزال حياً حتى الآن مثل البيمارستان الأرغوني الكاملي كواحد من أروع المباني الصحية وكثير من المدارس التي يصعب تعدادها ومن أهمها الفردوس والسلطانية والكاملية والأحمدية والشرقية والرضائية والشعبانية والخسروية.. ومن الزوايا «الهلالية» التي يقارب عمرها خمسمائة عام إضافة إلى أسواقها وخاناتها وأبوابها وأبراجها ومساجدها وزواياها ومكتباتها وتكاياها وما تبقى من أسوارها، وتتنوع وظائف العمارة الاسلامية في حلب لتشمل كل نشاطات المناحي الحياتية والتي يبدو من أكثرها تميزاً العمارة الدينية ففيها أقدم جامع يعود إلى العصر الأموي ويعرف بجامع زكريا لوجود مقام النبي زكريا فيه وهو يقع غرب قلعتها الشهيرة.

ولا تقتصر العمارة الدينية في حلب على المساجد وإنما هناك أكثر من خمسين كنيسة تمثل العديد من الطوائف المسيحية والتي تعتبر دليلاً حياً على تنوع النسيج الاجتماعي الحلبي الفريد الذي اندمجت فيه حضارات متعددة.