فيْصل
فيْصل
جمان محمد عكل
قلبكَ الصغير الرقيق، الذي يبكيني تذكره، ويحبس دمعي حال رؤيتك..
عجزكَ الصامت القاهر،
أيّ أمر قد يكون أقسى من العجز عن قول: أحبّ وأكره؟
أحبكَ يا صغيري، وأخاف بدونك..
أخاف حين تتعَب رئتـُـكَ، وترقد ليالي في المشفى، بين غيبوبة وأخرى..
تؤلمكَ كل الإبر الكريهة المغروسة في إهابكَ الشفـّـاف، تزعجكَ أصوات الأجهزة،
ويضايقكَ أنبوب التنفس، تحاول إزاحته بكفّ منقبضة، لمـّـا تزل محتفظة بالرائحة التي أعشق..
رائحة مولود لم يفتح عينيه بعد..
خائفة أنا، يا قطرات الماء أنت..
خائفة أن تنساب يوما، وترحل بصمت من بيننا، كما تفعل كل شيء بصمت..
أخاف بدونكَ يا حبيبي الصغير..
أخاف أن يفقد العالم بقية النقاء فيه، وأن تسافر بدوني إلى آخر درب التبـّـانة، فلا أجد رفيقا بعدكَ أبدا..
أخاف من فقدان أحلامي وأسراري التي أخبـّـئها تحت أهدابكَ، فلا أجد مكانا آمنا لها بعدك..
وأحيى بلا أحلام..
يعذبني التساؤل يا صغيري: تراكَ تراني؟
تراكَ تعرف أني هنا، أكتب لكَ، أتوسـّـلكَ أن تومئ إليّ فقط لأعرف أنكَ تسمع؟
يعذّبني أنكَ تعيش معظم عمركَ بصحبة المعاطف البيضاء، ورائحة المطهـّـرات،
وقلما تحظى ببالون ملوّن، أو ابتسامة عابرة كأيّ طفل آخر في الكون..
يعذبني التساؤل،، فأحسدك.. لأنكَ أبسط من أن تعقد حياتكَ بالأسئلة..
ولأنّ الكون بأكمله لا يساوي عندكَ سوى (عناقا وقبلة)..
ليتني أقدر أن أضمّ سنواتكَ الستّ إلى صدري مثلما كنتُ أفعل حينما كانتْ أقلّ،
وأغني لكَ لحن (الغرباء) لتنفـّـس غضبكَ وألمك.. وتغفو طاهرا كمطر السماء..
ليتني أستطيع أن أطمئن قلبي، وأخبره أنكَ بخير،
أنكَ لا تتألم، أنكَ تستطيع البكاء حينما تريد..
ليتني أقدر أن أمنحكَ شيئا تريده،
لكني -أبدا- لن أعرف ما تريد..
لذا سأفترض - دائما- أن أقصى غاياتكَ، عناق وقبلة وترنيمة حنون..
وأن أحبـّـكَ كما أنت.