خرافيٌّ لعوب
خرافيٌّ لعوب
لبابة أبو صالح
-1-
حتى لا يغضبَ النيلُ و يَفيضَ
كان الفراعنةُ يقدمونَ لشهوته قربانًا / جسدًا / أنثى ..
تقترِبُ بخطواتٍ مؤبِّنة ..
في منتهى الزينةِ .
وهم ينفخون في المزامير و الأبواقِ ؛ لتكتمل طقوس السواد و الموت
تتزوج الحسناءُ النيلَ فتهمد ثورته هو .
و تغرقُ هي لِمُجرَّدِ
( خرافة ) !!
-2-
( الخرافةُ )
لا بدَّ أن تسلبنا شيئًا , و دائمًا يكون ثمينا .
جربتُ أن أؤمن بها مرة . فخسرتُ ( السعادة ) !!
-3-
قالت : انظري في داخله جيدًا ..
وطريقُكِ يا ابنتي ( مسدود ) / ( مفتوح ) .
نظرتُ ...
فلم أعثُر إلا على
فوضى بُنّ !!
-4-
على ساحِلِ ( أم الطيور ) *..
كنا نسير على أقدامنا نصعدُ جبلاً كثَّ الشجرِ يُشرِفُ على
البحر ..
استوقفتنا امرأةٌ عجوزٌ .
على ذقنها آثارُ وشمٍ قديم ..
و في عينيها كحلٌ عربيٌّ أسود ..
طلبتْ مني الجلوس : " بَلْطِي يا بنتي شوي "
جلستُ و ما زلتُ أقرأ الزمنَ في خديها العفراوين
بسَطَتْ قماشةً مهترئةً و خضَّتْ أربع وَدَعاتٍ* بين كفينِ مجتمعتين .
ألقتها ثم قالت :
- ستأتيكِ بُشرى قريبًا .
ابتسمتُ ؛ فألقتها ثانيا :
- ستحصدينَ خيرًا ..
ابتسمتُ فألقتها ثالثًا :
- يُحبُّكِ الخيِّرون و السيئون .
ابتسمتُ فألقتها رابعًا :
- عمرُك طويـ..
ابتسمتُ و أنا أترك على القماشةِ ليراتٍ فضيةً كانتْ في قعرِ جيبي ..
و قمتُ عن الأرضِ و صوتُها الحزينُ القديم :
- " الله يخليكِ و يُحُرْسِك لشبابِك و إِمِّكْ يا عْنـيَّـا "
كذَّبْتُ أربعَ رمياتٍِ و صدقتُ حزنَ الصوتِ !!
-5-
يقول بودلير : " عندي من الذكريات أكثر مما لو كان عمري ألف عام "
و عندي من النصوص أكثر مما قد أعيشه .
كلَّما كتبتُ نصًّا , لم يكنْ هوَ ما شئتُ كتابته ..
أردتُ أن أكتُبَ عن السعادةِ فكتبتُ عن ( الخرافة ) .
فأي نصٍّ خرافيٍّ يلعبُ معي !!


* ( أم الطيور ) : بقعة ساحلية على البحر الأبيض المتوسط في سورية
* الودعات : خرز أبيض تستخدمه البصَّارة للتنجيم