في قلبي...!
عبد الحميد عبد العاطي
في قلبي مدن زرقاء وحدائق رومانية وبائع هوا كفيف يبحث كالفراشة عن يد يطعمها كهنه وكذبه ، فى قلبي الحب معلق بالطلاسم الإغريقية يحرسه جند أشداء يحملون بعيونهم فيروس أنفلونزا الفراق ، في قلبي قصص وروايات ملقاة على أرصفة النفاق والرفاق ، في قلبي رمال القهر وصدف الغروب يعزف بناي الرماد لحن الحياة .
في قلبي يقطن إنسان أخر.. لا يشبهني ولا أشبهه تبدو عليه ملامح البرتقال والقمر ، في قلبي عصفور جميل ينهق بصوت الغراب ، في قلبي جزر مقلوبة يلفظها الحر و الاحتضار ،في قلبي التعب خليفة الترحال والسهر يمشى بأمره ارض جرداء وسحب عقيمة لا تقوي على نثر المطر ، في قلبي كنيسة وجامع ومعبد يحتضن الأديان وكل التي لا تعبد ، يحاولون زرع الثلج و قنديل أمل ، الوقت يمضى وقد مضي منذ زمن ولكنهم عاجزون على خلق ابتسامة للملل ، في قلبي قدس كنعانية وخيل صلاح الدين وأباريق تصرخ بالوحدة الوطنية ، في قلبي امرأة عفيفة نحيفة الخصر مجدولة القوام رشيقة كالبحر ،تناولها جناب الاحتلال ولصوص المخيمات او أشباح لا نعرفها إلا وقت الانطلاقات والنكبات .
في قلبي زهرة سوداء ومخدر لكل الأشياء ، في قلبي الصباح نفسه المساء ، في قلبي شعب غريب هطل من السماء ، في قلبي صورة قديمة لطفل يحتضر كان بالأمس يحمل صاروخا يدعي حجر ، في قلبي معتقل وسجين برئ، جلاده أنا.. تهمته أن كنيته الضيــق ، في قلبي وطن يخاف أن يزف بموكب الشهداء فيموت الشهداء فلا نبقي نحن ولا هم بقلوبنا أحياء ، في قلبي خرائط الجنة وجوازاتها وسفن العبور فوق بلداتها ، في قلبي طاولة المفاوضات وكل المؤامرات ، في قلبي جلعاد شاليط ونفق المقاومة ، في قلبي وصية وصك براءة ينتظر التوقيع .
*عضو صالون القلم الفلسطيني