النقد الصحفي والشكاوى
محمد سعيد مبيض- الدوحة
كثيراً ما يتعرض إنسان لموقف يثيره فيسارع إلى الصحف لبيان مظلمته مندداً بتقصير الآخرين معه وبإساءتهم إليه.
وقد يتعدى الهجوم المتهم المباشر إلى زملائه وقد يصل إلى المؤسسة التي يعمل بها.
ترى هل التفاعل مع الشاكي مهما كان موثوقاً والتسرع في عرض مشكلته على صفحات الجرائد والتعريض بالأفراد والمؤسسات قبل التمعن في الاتهام هل هو موقف ينسجم مع الحق والعدل.
قد يقول قائل: إذا كان المتهم مظلوماً فليكتب إلينا برده ووجهة نظره ونحن مستعدون لنشره وبكل سرور.
أقول حتى لو نشر الرد فلن يتحقق العدل ذلك لأن الكثيرين
ممن قرأوا الاتهام قد لا يتيسر لهم قراءة الرد، ويبقى انطباعهم عن المتهمين سيئاً والحل الأمثل في نظري أن تحال الشكاوى إلى المتهم ليبدي رأيه فيها ثم ينشر الاتهام والرد عليه في نفس الصفحة إحقاقاً للحق، ومنعاً للظلم وهذا ما تشير إليه الآية الكريمة:
(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) "الحجرات".
عندها سيتريث الكثيرون ممن يحسبون أنهم ظلموا بتقديم شكاواهم قبل أن تهدأ ثورة غضبهم لكيلا يضعوا أنفسهم في موقف محرج فالمسلم إذا خاصم عدل وإذا تكلم عن إنسان ذكر محاسنه ومثالبه إن كان مضطراً لذلك امتثالاً لأمر الله تعالى:
(ولا يجرمنّكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)
فالمسلم الحق هو من يبتعد عن الخوض في أعراض الآخرين، يقول الحق ولو على نفسه فمن التقوى والورع أن ننصف الصديق والعدو ولا نقف مع أقربائنا وبني قومنا دون وجه حق فذاك موقف غير حضاري ولا ينسجم مع تعاليم الإسلام اسمع إن شئت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال صلى الله عليه وسلم: "بأن ترده عن ظلمه".
فالعدل والاستقامة والبعد عن الظلم وإحقاق الحق خلق إسلامي تعامل به العدو والصديق دون تحيز.
ترى هل يعامل غير المسلمين في الشرق والغرب أبناء المسلمين ومخالفيهم في العقائد بالعدل والإنصاف؟
هل يعاملون السود كمعاملتهم للبيض؟
وهل يعدل ساسة الغرب والشرق بين الدول القوية والضعيفة؟
هل أنصفوا الضعفاء من أقوياء المتسلطين؟
ما موقفهم من الإبادة الجماعية للمسلمين؟
وهل أنصفوا في الصراع العربي الإسرائيلي، وفي فرض المجاعة والحصار على الدول والشعوب المسلمة؟
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي جيش الإسلام:
"لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً" رواه أبو داود والطبراني.
ثم قارنوا بين مسلكنا ومسالكهم وأخلاقنا وأخلاقهم ثم انظروا من منا الحضاري والإنساني والعادل الرحيم.