رحلة صيد إلى أدغال العراق

يحيى الصوفي

 ( رحلة صيد إلى أدغال العراق ؟ ) يصلح لأن يكون عنواناً لدعاية سياحية تعلق على واجهات المكاتب السياحية في الغرب بعد أن انحسرت رحلات الصيد ( السفاري ) إلى إفريقيا بسبب منع الجمعيات المدافعة عن الحيوانات فيها من ممارسة الصيد حفاظاً على الأنواع النادرة المهددة بالانقراض ؟ !

وبما أن الأفواج الأولى من هذه المجموعات السياحية ( الكروبات ) قد وصلت منذ أكثر من عامين إلى إسرائيل ونجحت الشركات المضيفة لها بتأمين الإثارة والمتعة في الصيد البشري عن طريق القنص العشوائي للسكان الفلسطينيين من جميع مشاربهم وأعمارهم وانتماءاتهم الدينية طالما أنهم ينتسبون للعرق العربي، !!!

ودون أن تسبب لهم تلك الرحلات للصيد أي ملاحقة قانونية أو مضايقة من أي جمعية أو مؤسسة حقوقية تنتمي إلى كوكب الأرض أو أي كوكب آخر -قد يهتم بالحفاظ على عدد من العينات البشرية للعرق العربي قبل أن ينقرض من الوجود نهائياً لوضعه في المتاحف الفضائية المتنقلة- طالما أن الفريسة متوفرة بكثرة ووجودها (كإرهابيين) يسمح باقتناصها بسهولة دون أي مساءلة كانت ومن أي طرف كان. ؟  بل من الممكن جداً أن تكافأ بعد انتهائها لرحلة الصيد المدفوعة الأجر سلفاً ببعض القطع من أجساد الضحايا وعدد من الصور للذكرى وما أكثرها. ؟؟؟ !!!

هاهي الأفواج اللاحقة تحل بالأدغال الجديدة العذراء ( العراق ) التي قامت بافتتاحها الولايات المتحدة الأمريكية ومهدت لها بحملة دعائية منظمة لا سابق لها من مثيل في تاريخ البشرية، ؟ ! وهاهي الأفواج الأولى من السائحين التقليديين المخلصين للنادي الأمريكي والإسرائيلي يحل بالأدغال العراقية في رحلة صيد (  سفاري ) -كم هي تشبه اسم اليهود الرحل (السفارى )- عنوانها الإثارة والمتعة والحرية المطلقة في اختيار الطريدة العربية المتوفرة بكثرة بعد أن تم تسمينها والعناية بها لأكثر من عام وأصبحت جاهزة للصيد ؟

العراق... تلك البلاد العريقة بتاريخها وشعبها والتي لم يكن احد يتصور منذ أقل من عام أن يحل عليها زائراً يستمتع بجمالها وطبيعتها الخلابة وهذا الإرث العظيم من الحضارة العريقة، تستباح بشكل سافر وتصبح مسرحاً للقتل الرخيص والمرخص من قبل أكبر دولة في العالم دون أن يرف للبشرية أي جفن من خجل أو حياء. ؟؟؟ !!!

بعدها يطلع علينا قائد القوات الأمريكية بالعراق ليقول ( لا علم لي بالقتل ولا بالموتى ولا بالقناصة ولا بالبيوت المدمرة ولا بالمقابر ولا بتدنيس المقدسات، ؟ إنه هراء وكذب من الأقنية التلفزيونية  العدوة ؟ وما عليكم لعدم رؤية أو مسح تلك الصور الكاذبة من عقولكم إلا أن تغيروا تلك الأقنية؟ ببساطة غيروا قناة تلفازكم لأن تلك التي تبث من الداخل وتتحدث عن المجازر هدفها الإثارة وتأليب الرأي العربي علينا إنهم بكل بساطة وسيلة دعاية لأعدائنا لا أكثر؟؟؟ !!!)

هل يعقل هذا؟ ألا يستحي أو يشمئز من كذبه ؟ أين يتصور نفسه ؟ على إحدى العربات المتحركة في هوليود يلتقط مشهداً سينمائياً أو لقطة دعائية ؟ هل يعقل أن يتحدث بتلك البساطة وتلك الخفة والاستهتار بمشاعر العالم العربي وأهالي الضحايا وآلاف القبور ؟ ! ولا يجد مخلوقاً واحداً ممن حوله يرد عليه ؟ ( وأنا هنا عرضاً أحب أن أحيي كل الصحفيين والمصورين الذين تواجدوا على أرض المعركة لينقلوا الحقيقة كما هي إلينا- رغم بشاعتها- لأنها لا ترينا الصورة الوحشية لعدونا فقط بل تعكس بعضاً من خستنا ووضاعتنا لصمتنا على تلك الجرائم ؟ ! )

أنها بكل بساطة رحلة صيد مشروعة ضد الإرهابيين ؟ والغريب في الأمر أن تجد زمرة من المتأمركين الذين يدافعون عنهم ويشرعون قتلهم للأبرياء بدعوى وجود غرباء قادمين من وراء الحدود لينغص على العراقيين هناءهم وعيشهم الكريم ويقطع عليهم مسلسلاتهم التلفزيونية المفضلة التي باتوا يستقبلونها بسهولة عبر اللاقطات الجديدة التي لم يفرحوا بها بعد؟ وتجد منهم من يصرخ بملء حنجرته عن حقه بالعيش والتمتع بالرفاهية أسوة بالدول المجاورة ؟؟؟ !!!

ولا أفهم حقيقة كيف يحق للمحتل أن يستعين بالقتلة المأجورين لتصفية شعب كامل وذبحه أمام أعين العالم جميعاً ولا يحق مثلاً للمقاومة العراقية الاستعانة بالمقاتلين العرب لمد يد العون لهم للدفاع عن عائلاتهم وأطفالهم وحيواناتهم وممتلكاتهم بل قل بكل بساطة بالدفاع عن كرامتهم ؟

ألا يكفي الصمت الرسمي حتى تتجرأ بعض الأصوات المأجورة لمنع المشاركة الشعبية ؟ وكيف يمكن أن تمنعونا ونحن  نشاهد الأطفال تذبح والنساء تترمل والبيوت تهدم فوق ساكنيها والقتلة المأجورين يستبيحون حرمة مقدساتنا ويختطفون بطلقاتهم الصامتة أرواح المئات دون تمييز، فنرى تلك الأجساد الغضة البريئة تسقط كالطيور دون أن ننفعل أو نتأثر ؟ وتريدون منعنا بعد ذلك من التعبير أو الصراخ أو حتى الكلمة بعد أن احتججتم على بعض من شرفاء هذه الأمة لمد يد العون لمقاومتكم الشريفة وبدعوى أن نترك العراق وشأنه ؟

ألا يستحي الأمين العام للأمم المتحدة أن يقف صامتاً أمام ما يحدث ؟ أليس من الأحرى به وهو يرى هذه الظاهرة القذرة في صيد واقتناص الأرواح البريئة من التعليق عليها وإدانتها والطلب إلى مجلس الأمن بتصنيفها على أنها جرائم ضد الإنسانية وعن سابق إصرار وترصد، وتجهيز لوائح بأسمائهم لملاحقتهم أمام المحاكم المختصة للقصاص منهم ؟

لأنه وبكل بساطة ن لم يفعل- سيكون قد شرع للقناصة حق القتل فيسقط عندها العتاب عن المقاومة في حقها المشروع بالدفاع عن النفس.

ويكون السيد الأمين العام مع كل الاحترام قد استحق عضوية الشرف في نادي الصيد الجديد ( السفاري ) في أدغال العراق فأهلا به.