كيد الذئاب ومكر الثعالب

عدنان عون

[email protected]

ما من رذيلة أخلاقية تقتل مروءة الإنسان ،وتقزم شخصيته وتذهب بفضائل نفسه  ، كالنفاق ..وما من صورة من صوره هي أبشع وأخطر من المنافق الذي استدرجته الأقدار ،فجعلته في بلاط السلاطين والمسؤولين ،فراح يوسوس لهم بتشويه الشرفاء ، والافتراء على الأحرار .

إن الذين تضعهم الأقدار في موقع القرب من السلطان،إما أن يكونوا بطانة خير،تأمر بمعروف،وتنهى عن منكر،وإما أن يكونوا بطانة شر،تزين له الباطل،وتحرضه على الشر. ثم لايبالون إذا باعوا دينهم بدنيا غيرهم.

وينسى هؤلاء أن وراءهم يوماً يعض فيه الظالمون على أيدهم حسرة وندامة ولكن ولات ساعة مندم فقد فات الأوان ولم يبق لهم إلاالحسرات والتبرؤ من السادة والكبراء الذين أضلوهم .. يصور القرآن هذا الموقف تصويراً لالبس فيه " وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا"

وإن استقراء لواقع الأمة المعاصر، نرى أن كثيراً من المسؤولين  يقربون منهم المفسدين والمنافقين الذين يحرضون على الشرفاء والأحرار. فإلى هؤلاء وأمثالهم نسوق هذه القصة حكاية على ألسنة الحيوانات...يحكى : أن أسداً مرض فعاده جميع حيوانات الغابة إلا الثعلب فانتهزها الذئب فرصة يفرغ فيها حقده على الثعلب ،فتقدم من الأسد وقال:ما تخلف الثعلب عن عيادتك إلا لأمر يدبره ضدك.ثار الأسد وقال :علي بالثعلب .علم الثعلب بمكيدة الذئب،فدخل حزيناً متألماً وبادرالأسد قائلاً:ما أخرني عن عيادتكم إلا بحثي لك عن دواء ناجع يشفيك .قال الأسد:علي به .قال الثعلب :كبد الذئب .فمال الأسد على الذئب بضربة أدمته  فلما رآه الثعلب ضحك وقال:إياك أن تشي بأحد .

هذا وقد صاغ الطغرائي هذه الحكاية شعراً أحببت أن يشاركني أصدقاء رابطة أدباء الشام الاستمتاع به فقال:

إذا كـنت للسلطان خدناً فلا iiتشر
فـقـد جـاء في أمثالهم أن iiثعلباً
أضـر بـه جـوع شـديد iiفشفه
فـفـاز لـديه الذئب يوماً iiبخلوة
فـكـلـه  واطعمه فما هو iiشكلنا
فـلـمـا  أحـس الثعلبان iiبكيده
و  قـال أرى بالملك داء iiمماطلاً
و  فـي كـبد الذئب الشفاء iiلدائه
فـصـادف  مـنه ذا قبولاً iiفعنده
فـأفـلت  مسلوخ الإهاب iiمرملا
وصـاح  به يا لابس الثوب iiقانياً










عليه بأن يؤذي مدى الدهر iiمسلما
و ذئـبـاً أصـابا عند ليث تقدما
و أبـقـى له جلداً رقيقاً iiوأعظما
فـقال  كفاك الثعلب اليوم iiمطعما
ولـسـت أرى في أكله لك iiمأثما
تـطبب عند الليث واحتال iiمقدما
تـهـدم  مـنـه جسمه iiوتحطما
فـإن نـال مـنها ينج منه مسلّما
أحال على الذئب الخبيث iiمصمما
فـلـمـا  رآه الـثـعلبان iiتبسما
متى تخل بالسلطان فاسكت لتسلما

ألا فليتعظ الذين يكيدون للأحرار وليكونوا على ذُكرمن قوله تعالى "ولايحيق المكر السيئ إلا بأهله" ..