نخلتـان عراقيّتان
د. أسامة الأحمد
ياعجباً لهما !
كيف تعلّما صناعة الموت ، وهما لم يُحسنا يوماً صناعة الحياة ؟!!
وعهدنا بأبناء الطغاة أنهم لا يحسنون فعل الجميل !!
فكيف ومتى تعلّما فن الصبر والثبات الذي مكّنهما أن يُنهيا حياتهما بهذا الإخراج الجميل ؟!
إني ومعي الملايين - أظنّ - عمّنا شعور واحد لدى سماع نبأ مقتل عديّ وقصيّ وهو: الغضب والفخر!
نعم غضبنا لهما إذ قُتلا مظلومين ، بقدر غضبنا منهما إذ عاشا ظالمين !!
وافتخرنا..إذ ما زالت أمتنا قادرة على أن تصنع الأبطال حتى من الظلَمة الأنذال!
هل أرثيهما؟
لم أعتد أن أمجّد ظالما!
هل أفرح لموتهما؟!
لم أعتد أن أفرح لمصرع الأبطال!
أليس يكفيهما أنهما لم يستأسرا لمصاصي الدماء ، وأنهمافضّلا أن يموتا واقفين على أن يعيشا راكعين لجبروت وطغيان "فرعون الغرب"؟!..
يا لعجائب الأقدار!
قبل موتهما بأيام ، بل بساعات ، ما كنت أحسب أبداً أن يأتي عليّ حينٌ أحمل لهمافيه غير مشاعر السخط والكراهية .
ولكنهما لما عجنا تراب العراق بدمائهما الصامدة ، قلبا موازين المشاعر في قلبي !
هل أنا مخطىء في هذا ؟!
لست أدري !
فلقدتشابكت في وجداني خيوط العواطف!
أخي الذي تقرأ كلماتي:هل تشعر معي بعذاب هذه الكلمات؟!
كنا نتمنى أن ينالا جزاءهما بأيد عراقية مؤمنةطاهرة ، أماأن تكون نهايتهما على أيد غربية غريبة ،ملوثة أثيمة ،فلا..
لسبب بسيط:هو أن اليد الخبيثة الملطخة بدماء الأبرياء ،لا يمكن أبداً أن تُطهّرالأشياء !
لست عراقياً ، ولكن في دمي تجري كل أنهار العراق ، وتنغرس في صدري كل نخلة من نخيل العراق..
وما عديّ ولا قصي سوى نخلتين عراقيتين ، عاشتا حياتهماعقيمتين،
ثم شاء الله أن تموتا واقفتين يتدلى منهما رطب عراقي أحمر اللون!..
من يثأر من الأيدي الغريبة التي اقتلعت فسائل النخل في بلدي؟
هل هم المتغربون أم اليساريون أم " فدائيو صدام " ؟!
لا أعتقد هذا أبدا..
لن يثأر إلا" شباب الإسلام ".. فهم وحدهم من يحمل لأمتنا الخير.
فالأيدي المؤمنةالمتوضئة التي اعتادت السجود وحمل القرآن ، هي وحدها التي تبني الأمة وتحمي سياجها.
أما تلك الأيدي التي لا تحمل سوىأقلام الغرب وكؤوس الخمر ،فإنها أعجز من أن تحمل لأمتنا يوم النصر..