الاعتكاف
- 1 -
اتفقوا على أن الاعتكاف مشروع، وأنه قربة، وهو مستحب كل وقت، وفي العشر الأواخر من رمضان أفضل لطلب ليلة القدر.
واتفقوا على أنها تطلب في شهر رمضان، وأنها فيه. واختلف القائلون بأنها في شهر رمضان في أرجى ليلة.. ما هي؟ فقال الشافعي: أرجاها ليلة الحادي أو الثالث والعشرين، وقال مالك: هي أفراد الليالي العشر الأخيرة من غير تعيين ليلة، وقال أحمد: هي ليلة سبع وعشرين.
- 2 -
ولا يصح الاعتكاف إلا بمسجد عند مالك والشافعي، وبالجامع أفضل وأولى، وقال أبو حنيفة: لا يصح اعتكاف الرجل إلا بمسجد تقام فيه الجماعة، وقال أحمد: لا يصح الاعتكاف إلا بمسجد تقام فيه الجمعة، وعن حذيفة أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة، ولا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها –هو المعتزل المهيأ للصلاة- على الجديد الأصح من قول الشافعي، وهو مذهب مالك وأحمد، وقال أبو حنيفة: الأفضل اعتكافها في مسجد بيتها،وهو القديم من قول الشافعي، بل يكره إلا فيه، وإذا أذن لزوجته في الاعتكاف فدخلت فيه فهل له منعها من إتمامه؟ فقال أبو حنيفة ومـالك: ليس له ذلك، وقال الشافعي وأحمد: له ذلك.
- 3 -
واتفقوا على أنه لا يصح الاعتكاف إلا بالنيّة، وهل يصح بغير صوم؟ قال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يصح إلا بالصوم، وقال الشافعي: يصح بغير صوم، وليس له عند الشافعي زمان مقدر، وهو المشهور عن أحمد، وعن أبي حنيفة روايتان: إحداهما يجوز بعض يوم، والثانية لا يجوز أقل من يوم وليلة، وهذا مذهب مالك، ولو نذر شهراً بعينه لزمه متوالياً، فإن أخلّ بيوم قضى ما تركه بالاتفاق، إلا في رواية عن أحمد، فإنه يلزمه الاستئناف، وإن نذر اعتكاف شهر مطلقاً جاز عند الشافعي أن يأتي به متتابعاً ومتفرقاً، وقال أبو حنيفة ومالك: يلزم التتابع، وعن أحمد روايتان، واتفقوا على أن من نوى اعتكاف يوم بعينه دون ليلته أنه يصح، إلا مالكاً فإنه قال: لا يصح حتى يضيف الليلة إلى اليوم، ولو نذر اعتكاف يومين متتابعين لم يلزمه عند مالك والشافعي وأحمد اعتكاف الليلة التي بينهما معاً وقال أبو حنيفة: يلزمه اعتكاف يومين وليلتين، وهو الأصح عند الشافعي.
- 4 -
وإذا خرج من المعتكف لغير قضاء الحاجة والأكل والشرب لا يبطل حتى يكون أكثر من نصف يوم، وأما الخروج لما لابدّ منه كقضاء الحاجة وغسل الجنابة فجائز بالإجماع، ولو اعتكف بغير الجامع وحضرت الجمعة وجب عليه الخروج إليها بالإجماع، وهل يبطل اعتكافه أم لا؟ قال أبو حنيفة ومالك: لا يبطل، وللشافعي قولان: أصحهما –وهو المنصوص في عامة كتبه- يبطل إلا أن شرطه في اعتكافه. والثاني –وهو نصه في البويطي- لا يبطل، وإذا شرط المعتكف أنه إذا عرض له عارض فيه قربة كعيادة مريض وتشييع جنازة "خرج" جاز له الخروج، ولا يبطل اعتكافه عند الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة ومالك: يبطل.
- 5 -
ولو باشر المعتكف في الفرج عمداً بطل اعتكافه بالإجماع ولا كفارة عليه، وعند الحسن البصري والزهري أنه يلزمه كفارة يمين، ولو وطئ ناسياً لاعتكافه فسد عند أبي حنيفة ومالك وأحمد، وقال الشافعي: لا يفسد، ولو باشر فيما دون الفرج بشهوة بطل اعتكافه إن أنزل عند أبي حنيفة وأحمد، وقال مالك: يبطل أنزل أم لم ينزل، وللشافعي قولان: أصحهما يبطل إن أنزل.
- 6 -
ولا يكره للمعتكف التطيّب ولبس رفيع الثياب عند الثلاثة، وقال أحمد: يكره له ذلك، ويكره له الصمت إلى الليل بالإجماع. قال الشافعي: ولو نذر الصمت في اعتكافه تكلم ولا كفارة.
- 7 -
يستحب للمعتكف الصلاة والقراءة والذكر بالإجماع، واختلفوا في قراءة القرآن والحديث والفقه: قال مالك وأحمد: لا يستحب، وقال أبو حنيفة والشافعي: يستحب، وكأن وجه ما قال مالك وأحمد أن الاعتكاف حبس النفس وجمع القلب على نور البصيرة في تدبّر القرآن ومعاني الذكر فيكون ما فرق الهمة وشغل الباب غير مناسب لهذه العبادة، وأجمعوا على أنه ليس للمعتكف أن يتجر ولا يكتسب بالصنعة على الإطلاق والله تعالى أعلم.