على مثل هذا فلتكن النساء
عدنان عون
ذكرت كتب الأدب أن الشعبي قال قال لي شريح : يا شعبي! عليك بنساء بني تميم؛فإني رأيت لهن عقولاً. قلت: ما رأيت من عقولهن؟ قال : مررت بدورهم فإذا أنا بعجوز على باب دار وإلى جنبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري فاستسقيت وما بي من عطش ـ فقالت: أي الشراب أحب إليك؟ قلت: ما تيسر فقالت: يا جارية! ائتيه بلبن ؛ فإني أظن الرجل غريباً قلت: من الجارية؟ قالت: زينب بنت جدير ـ إحدى نساء بني حنظلةـ قلت: فارغة أم مشغولة ؟ قالت: بل فارغة قلت: زوجينيها قالت: إن كنت لها (كفئاً) نطقت بها على لغة بني تميم .
ثم عدت إلى الدار وامتنعت من القائلة فصليت وأخذت بأيدي إخواني من القراء الأشراف ومضيت أريد عمها فلما راّني قال: يا أبا أمية ما حاجتك؟ قلت: زينب بنت أخيك .فلما صارت في حبالي ندمت فقد تذكرت غلظ قلوبهن وهممت بالطلاق ثم عدلت عن ذلك فلو رأيتني ـ يا شعبي ـ وقد أدخلت علي ّّ فقمت إلى الصلاة فصلت بصلاتي فلما خلوت بها مددت يدي إلى ناصيتها فقالت: على رسك أبا معاوية ثم حمدت الله وصلت على نبيه وقالت: إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فأتيه وما تكره فأزدجرعنه وقد ملكت فافعل ما أمرك الله به (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فقلت: إنك قلت كلاما إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك .. وإني أحب كذا وأكره كذا وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها .
ثم سألتني كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت : ما أحب أن يملني أصهاري قالت: فمن تحب من جيرانك فاّذن لهم بدخول دارك ومن تكره أكرهه .قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء ثم قال : فبت يا شعبي بأنعم ليلة ومر حول لا أرى منها إلا ما أحب ثم إني عدت يوما من مجلس القضاء فإذا أنا بعجوز تأمر وتنهى فقلت : من هذه؟ فقالت العجوز: السلام عليك أبا معاوية كيف وجدت زوجتك ؟ قلت: خير زوجة فقالت: ياأبا معاوية إن المرأة لا تكون أسوأ حالا منها في حالتين: إذا ولدت غلاما أو حظيت عند زوجها فإن رابك ريب من زينب فعليك بالسوط فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة . قلت : أما والله لقد أدبت فاحسنت الأدب ورضت فأحسنت الرياضة . قالت: أتحب أن يزورك أختانك ؟ قلت: متى شاؤا. ثم كانت تأتي كل عام توصيني بوصيتها. ولقد مكثت زوجتي معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيئ.اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما .