خواطر إسلامية إنسانية "3"

خواطر إسلامية إنسانية "3"

والمفهوم الخاطئ للذكورية ولغة الحب

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

أحدهم قال وعمره تجاوز السبعين : إن العلاقة مابين الرجل والمرأة أو بالأحرى مابين الزوج والزوجة هي علاقة "الحرب الباردة " كالتي كانت سائدة بين الاتحاد السوفيتي وأمريكا ، حيث الاستنفار الكامل  والتربص كل واحد منهما للآخر ، هذا عدا عن حياكة المؤامرات والدسائس بينهما  ، بقصد إضعاف الآخر للسيطرة عليه ، ثم يُضيف صاحبنا.. ولذلك فهو لم يُسلم أي سلاح لزوجته ورفيقة دربه ، ويقصد هنا الأملاك وربما الأسرار أو مفاتيح القنبلة النووية ، وبالتالي فهو لم يُسجل باسم زوجته أي من الأطيان أو حتى أن يكون لها رصيد بسيط في حسابها بالبنك أو شي كاش كي ، لا تنقلب عليه ويفقد السيطرة على زمام الأمور

وأمرأة أخرى لاتربطها علاقات الود مع زوجها قالت : بأن لها سلاحاً فعالاً تستخدمه مع زوجها عند حاجته .. فلا تُمكنه حتى يُلبي لها كل طلباتها ، وأن لها أسلحة أخرى تستخدمها وقت الضرورة ، وربما من الأسلحة كأن تُمسك عليه ذلّة أو فضيحة أو ما شابه فيبقى تحت سيطرتها وإمرتها فلا يزيغ عنها قيد أُمّلة ويكون تحت سيطرتها على الدوام

أو كما جاء في الخواطر الحوائية أنّ امرأة سمعت إحدى النساء تترحم على زوجها المتوفي وتقول: أحيانا أتحسر على نفسي لأنني أرملة.. ثم أعود وأراجع مسيرة حياتي معه ..فأرى  حقا بأنني لم أحظ بإنسانيتي إلا بعد رحيله... صحيح أنه كان لي سترا وسندا، لكن –رحمه الله- لقد أشبع جسدي ضربا.. وأذني صراخا.. وأشبعني وأشبع والديّ وإخوتي تحقيرا وشتما.. كان إذا عاد من عمله فوجدني -وأنا الأم لأربعة أولاد- لم أنتهي بعد من تحضير طعامه، يخلع حزام بنطاله ويبدأ بجلدي كما لو كنت حيوانا يجب ترويضه، والويل كل الويل لأحد من الأولاد إن حاول استرحامه أو الدفاع عني..

نماذج مختلفة لبعض صور الحياة الزوجية الغير مُستقرة أو المتوازنة، التي في الغالب نشأت بسبب عدم الكفاءة والتوافق بين الزوجين وفهم كل طرف لمسئولياته وواجباته القائمة على المفاهيم الخاطئة لمفهوم الذكورية البعيدة عن التأصيل الحقيقي الشرعي فيما يجب أن يكون عليه الطرفان من الانسجام والحب والتراحم والإلفة كما جاء في قوله تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" ، فاستخدم الطرفان لغة الحرب والأسلحة والعتاد التي قد يكون أول وقوده الأولاد واستقرارهم ، بل قد يكون الزوجان أول ضحايا تلك الحرب الغير مُعلنة والمُعلنة ،  بسبب الشد العصبي والتوتر النفسي ، هذا عدا عن استخدام الرجل - في بعض النماذج - في كثير من الأحيان لكل أدوات الإهانة والتحقير ، وكُلنا نعلم بأن الزواج ليس بالأساس إلا للسكن وبعث الاستقرار والطمأنينة والسكينة ونشر الخُلق السامي، وكذلك لإنشاء البيت والأُسرة الصالحة والامتداد المُبارك المحمود من رب العالمين

وهنا نستطيع أن نقول : بأن سبب مُعظم هذه المشاكل يرجع في الأساس عند الاختيار الخاطئ للزوج أو الزوجة ، بسبب التعجل أو الخوف من أن تبور البنت أو الطمع بالمال دون الأخذ بعين الإعتبار عن ما جاء من تعليمات عن الصانع الخالق العليم الخبير فيما يجب إتباعه بهذا الخصوص للسير على هديه وإرشاداته ، كما جاء على لسان من لا ينطق عن الهوى من الإرشادات التي تتمثل في الرجل باثنتين مجتمعين وهما : الصلاح في الخلق والدين لأنهما الضابطان الأقوى للرجل من عدم التفلت بالتزاماته ، المُقيد بتعاليم الشرع، والمرأة بذات الدين التي تكون من الأفضل لو اجتمعت معها باقي الصفات كون تلك الأسباب تكون مُعينة في الاستقرار وليس شرط في ذلك ، بان تكون ذات الحسب والنسب والمال ، لأن ذات الدين تفهم ما عليها من واجبات وتعمل على تنفيذها ، وما لها من حقوق تُساعد زوجها على نيلها ، فلا تُغالي في الطلبات وتكون عوناً وسنداً وليس عبئاً وسقماً ، لأن الحياة مُثقلة بالهموم والمشكل وإعانتها لزوجها في تكاليف الحياة تجعل الهم مُشتركاً والنجاح أيضاً مُشتركاً يتذوق طعمه كلاهما ، ليتكون ثنائي ربّاني دعائمه الخوف من الله والخشية من الوقوع في المعصية التي تمحق البركة والنور وإشعاع المحبة الصادقة ، وإضافة لما ذكرت شروط الكفاءة الكثيرة التي يصعب ذكرها في هذه العُجالة ، والتي يندرج تحت إطارها  كل الشروط التوافقية الفكرية والعملاتية والواقعية وليس التحليق في السماء.