ليس الأمر غريباً

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

دخل علينا ممتعضاً مما أثاره قبل قليل إذ رأى امرأة تشتم زوجها ، وتصمه أمام الآخرين بما لا يليق بالرجل ، ولربما أفحشت القول ، وهو يبتسم ابتسامة من يمدحه أو يثني عليه .

ويمر الناس من حولهما ، فمنهم من يظهر العجب لموقفه منها ، ومنهم من يرد عنه بصوت خفيض خوف أن تسمعه ، فتتوجه إليه بدل زوجها ، ومنهم مَن دفعه الفضول فتوقف يستمع ، وآخرون لم يعبأوا بهما .

كان صاحبي ممن تأثر لموقف الرجل الضعيف أكثر مما تأثر لسفاهة زوجته ، فلما وصل إلينا كال للرجل من التوبيخ ما لا يرضاه لو سمعه ، أو ربما سكت عن هذا التوبيخ لو علمه ، وتلقّاه بابتسمة كما كان يفعل أمام زوجته .

نظر صاحبي إليّ يستحثني لمشاركته في انفعاله ويتساءل : أهذا الصنف من الرجال – إن جاز تسميتهم بالرجال – موجود ؟!

قلت له : رويدك يا صاحبي إن في حياتنا كثيراً من أمثال هذا الزوج وزوجته .

فقد حدثني صديق لي منذ سنوات في مدينة الشارقة الإماراتية - إذ كنت أعمل هناك مدرساً في ثانوية دبي - أنه دخل " سوبرماركت " يتبضّع ، قبيل الظهر ، فقد خرج من مدرسته مبكراً ، وطلبت زوجته أن يشتري بعض ما تحتاجه الأسرة وهو عائد إلى البيت .

وكانت الزبائن قليلة في تلك الساعة .. وكان صاحبي يدفع ثمن ما اشتراه حين سمع " صفعة " قوية تدوّي قريباً منه ، فالتفت ناحية الصوت ، والتفت غيره يستطلعون الخبر . ..... إنها امرأة صفعت زوجها .. رجل طويل يدفع العربة ، والمرأة تنتقي من الرفوف ما تريد شراءه .

لم ينبس الزوج ببنت شفة ، وكأن الأمر لا يعنيه ، أو كأن المصفوع غيره . أمّا هي فقد أرادت أن تبرر فعلتها ، فقالت بصوت مسموع : " الصنف ده ما يختشيش ، وما ينفعش معاه غير كده "أنا عارفه دواه .

بعضهم ابتسم ، وبعضهم الآخر وجد في سكوت الزوج رسالة بعدم التدخل . وتمتم بعضهم بكلام يفهمه دون غيره ... وانتهى كل شيء ...