ما نفع أغنيتي

ما نفع أغنيتي؟!

بلال كمال رشيد

[email protected]

آن لك أن تستريح ...وقد قلت فينا ...وعنا..ولنا..ما يجبُّ أن يقال.. فاسترح الآن...واسمع ..واقرأ ما يقال الآن فيك.

آن لك ولنا أن نتبادل الأدوار.. وأن تخلد للصمت الذي كان يوماً لساننا..وأن نأخذ منك لسانك..وحصانك.. وأن نجعل منك : جمهوراً لنا محموداً.. ووحيدا!!!

آن لك أن تعيش غيابنا.. وأن نعايش حضورك .. وأن نغني أغانيك على الناي..نايك الذي غنيته دهراً طويلاً ...ولن نسأل كما سألت يوماً :ما نفع أغنيتي؟!

فأغانيك الآن تغنينا عن كثير من سقط الكلام ..الملقى على قارعة الطريق ... تلك الطريق التي أوصلتنا إلى كل المنافي ولم تصل بنا إلى بيتنا!!

أغانيك تغنينا وتغرينا بأن نواصل نشيدنا..وأن نبكيك ونبكي أنفسنا ..حتى النثر أبى إلا أن يبكيك شعرا !!

الآن يا ابن أمي تزدهي كلماتك أكثر..وتأخد ايقاع الحياة ...ونغني معك:"على هذه الأرض ما يستحق الحياة"!!!

الآن أناديك: قم يا يوسف ..وانظر اخوتك وقد عرفوك ...عندما مت تماماً عرفوك ..وأحبوك كما قلت يوماً: "لقد كان منا وكان لنا" ...وهم ينعونك من كل حدب وصوب ... يبكونك .. وقد ائتلفوا...واجتمعوا الآن عليك.. باكين ..معتذرين عما فعلوا...بعد أن فقدوك وافتقدوك ... وابيضت عينا أبيهم حزناً عليك...!! قم يا يوسف وانظر إلى الفراشات التي حطت يوماً على كتفيك..تطير الآن ..تحوم..مجنونة.. فزعة ..تبحث عن النور حيث كان...لتنتحر هناك.

قم وغن الآن ...غناء غائب و غارب ..فمساؤنا طويل يشكل النهايات ... ولن تجد أحد عشر كوكباً .. ولن تجد حلماً وحرية بحجم جمجمة وأغنية .

قم ... ما زال شعرك صالحاً لقضيتنا ..ما دام وطننا يباع ويشترى.. ويوزع كالهدايا..ويباع كما تباع الكلمات ....يسرقه المجاز .. وتلاحقه الاستعارات والكنايات ...ويزداد كلما زادت الرايات ...ويُحمل في حقيبة سفر ... ويُفقد في حادث سير!!

ما زال شعرك يُروى ليروي ظمأ القابضين على الجمر والحجر....والعاشقين الحياة إذا ما استطاعوا إليها سبيلا .... قم وغن الآن للشعوب والدروب والحروب ..قم وسجل ..وابحث معنا عن شغب وشعب .. عن إيقاع قصيدة لم تكتبها بعد ....وأجمل قصائدك ...

وقلائدك تلك التي ننتظرها والتي لما تكتبها بعد!!..حرب...وبحر... وربح .... لعبة الواقع والايقاع .. لم يتقنها إلا المتألم من جرحنا ... المتأمل في أن نجترح من الجرح فرحاً يليق بمقامنا ومقالنا.

شارع .... وشاعر:

شارع كبير يشرع الموت .. ويوزع الضحايا كالهدايا ... يقدمها كما يطلبها المشاهدون.. والمتناحرون ...

شارع يعطي للشاعر فضاءً للبوح ..والقدح.. والردح .. والغناء الأصيل .. شاعر يحمل عصا الترحال ناياً ويغني مع كل بلد .. ووالد وما ولد .. بلدٍ تلد الجريح..والقتيل.. والشريد ...وتعد إذ تعد.. بالمزيد والجديد...في فمنا ماء... ودماء.. وهواء.. فاكتب قصيدة عصماء ... تستعصي على فهم الجلاد ...

تخترق الحدود والقلوب.. تعبر إلى كل البلاد ..وتذرفها العيون .. اكتب قصيدة.. تحمل أسماءنا..

وتكشف عوراتنا ..

 وتفصح عن لوعاتنا ... وإذا سقطت ذراعك فالتقطها ... فنحن جسدٌ واحد من هناك إلى هنا.. ومن هنا  إلى هناك... فالتقطها كي لا تسقط بقية الأعضاء تباعا.

الآن نقرأ سيرتك الشعرية.... نعايش مشاعرنا التي اندثرت...نلاحقها ...ذاكرة غير قابلة للنسيان ..نرممها .. ونحفل بها .. نرانا في المرايا.. فأراك وتراني ... في حضرة الغياب.. في غياب الحضور ..

في حضرة الحضور .. أو في غياب الغياب.. أكون أنا .. وقد تكون أنت ..ولربما نكون معاً؛ لندل إن استطعنا أن ندل علينا .

آن لك أن تستريح وأن لا تريح .. آن لك أن تحسن الاستماع إلينا كما أحسنت الكلام عنا ولنا ...أن نتبادل الأدوار.. فهل تبادلناها حقاً؟!

أوبعد أن استمعت إلينا ... هل تراك تقول: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة"

بل عندها ستقول : "ما نفع أغنيتي؟!!"