آهات الريح
مزيج من الإحساسات والألوان، كنتُ أحاول رسمها على لوحات فارغة من كلِّ إحساس. رسمتُ عشباً أخضر ورسمتُ عيناً ودمعة ورسمتُ أيضاً كتاباً مفتوحاً تقرؤه الريح.
عبثاً حاولتُ أن ألصق هذه اللوحات على جدار روحي لتبقى ذكرياتها لا تفارقني لكنها كانت تهوي ولم تلتصقْ، إلى أن تهدّم الجدار وانطوتْ روحي تئنُّ بين أنقاضه حتى تهتُ تهتُ بين شوارع قلبي أحاول أن ألصق هذه اللوحات على أحد جدرانه أحاول أن ألصق إحساساً لم يره أحد. وهذا صوتُ لوحة أخرى قد سقطتْ فاستيقظتُ ملوّعاً وجلاً من هذا الحلم الغريب.
أسرعتُ لألتمس لوحتي الساقطة من جدار غرفتي، خاطبتُها: يبدو أنّ أيادي الريح قد عبثتْ بكِ، أو ربما عبث الحلم قد تحقّق!
وضعتُها بين راحتيّ وتأملتُ قسَمَاتها، كلُّ ما حلمتُ به في لوحةٍ واحدة!
كم تشبهيني أيتها اللوحة الزاخرة بروحي! ليس ثمّة من أحادثه سواكِ، من أنتِ؟! وكيف دخلتِ عالمي؟! بل كيف زخرتْ بكِ أطيافُ روحي؟!
أيتها اللوحة!
ما بال الصمت الذي كان يحيكُ أثوابك كلّ يوم يجعلكِ اليوم تسقطين مجروحةً؟!
ما بال هذا العشب الذي أضحى بعد السقوط مبعثراً؟!
ما بال هذه الدمعة قد تشوّهتْ ملامحها؟!
ما بال هذا الكتاب قد مُزِّقتْ صفحاته وأين قارئته الريح؟!!
تردّدت تساؤلاتي في ليل مطبق الشفاه فأيقظ صداها بلبلاً حالماً في قفص الروح، فتحتُ له الباب و أطلقتُه فغرّد بصوته الشجيّ الذي أيقظ كلّ إحساس بالحياة.
قمتُ من عتمة عبثي وأساي لألمّ شتات لوحتي؛ هرعتُ إلى ألوان القلوب النابضة، فجمعتُ بعثرة ذاك العشب وجمّلتُ ملامح الدمعة ووهبتُ الريح كتابها، ثم عكفتُ أصغي إلى آهات الريح وهي تحاول جمع آهات الوجود في صوت واحد هو صوتها، كما حاولتُ أنا أن أجمع الأوجاع في لوحة واحدة هي حياتي، لكنني جمعتُ من جديد الألوان فأصبحت اللوحة من أجمل لوحات الوجود.
وسوم: 642