عمى القلوب !!
جاءني صوت من بعيد شممت فيه ريح الوطن ! قلت : مااسمك ؟ قال : نور .
ذكرني باسم جدي مصطو الذي كان ضريرا لا يبصر رحمه الله .
وعشنا ساعة في ظلام البيت فذكرني ذلك بوطني مدينة الباب يوم كانت تعيش في الظلام !
ومن يملك لوكس يعتبر من الوجهاء ، وأذكر أني كنت أحمل لمبة كاز داخل فانوس وأخرج إلى حارة اليماني فأرمق بالاحترام ، وأكاد أسمع همسات ( نيالو ) !
الدار التي كانت تنضخ بالحركة سادها الظلام والهدوء !
وصرت كالضرير أتلمس الجدران ؟
وبنصف ساعة تحركت قوافل مهندسي الكهرباء ورافعاتهم وعاد النور، تذكرت في هذه اللحظات القبر وظلمته ، والقلب وغفلته ، قلت لنفسي القبر لا ينوره إلا العمل الصالح ، والقلب لايحييه إلا الذكر والاستغفار .
يقول مولانا جلت قدرته ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة ، من إله غير الله يأتيكم بضياء ) ٧١القصص
افتح المصحف الشريف تجد سورة اسمها ( النور ) سورة ركزت على قضية العفاف في المجتمع المسلم ، مجتمع لستر المحصن من أسباب الفاحشة .
الرسول المربي صلوات الله عليه كان يقول في صلاته : ( اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قيّم السماوات والأرض ومن فيهن ) البخاري ٥٩٥٨
اقرأ الآية الكريمة ( الله نور السموات والأرض ) أي منورهما أو هادي أهلها أو موجدهما .
وضرب الله مثلا للنور بالمشكاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، اقرأ الآية وتذوق مافيها من بيان وسمو .
قال تعالى ( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشاة فيها مصباح ، المصباح في زجاجة ، الزجاجة كأنها كوكب دُرِّيٌّ يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ، يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار ، نور على نور ، يهدي الله لنوره من يشاء ، ويضرب الله الأمثال للناس ، والله بكل شيء عليم )
نور على نور : هكذا نور الله إذا قذفه في قلب عبده المؤمن .. نور الفطرة .. نور الإيمان .. نور العلم ..
نور على نور .. يهدي الله لنوره من يشاء .
إذا أقبلت على الله قذف الله في قلبك نورا ، رأيت الخير خيرا .. والشر شرا ؟
صلى الله عليك ياعلم الهدى يامن دعوت ربك فقلت :
اللهم اجعل في قلبي نورا ، وفي لساني نورا ، اللهم اجعل في سمعي نورا ، وفي بصري نورا ، وعن يميني نورا ، وعن يساري نورا ، واجعل من خلفي نورا ، ومن أمامي نورا ، واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا ، والنبي عليه الصلاة والسلام هو النور الذي يضيء ظلمات الحياة ويبدد الشبهات صلى الله عليه وسلم .
إذا قرأت للشهيد بإذن الله سيد رحمه الله شرحا أدبيا لمقدمة سورة النور يجعلك تطير بجناحيك إلى سماء السعادة والنعيم .
وشرح فيلسوف الإسلام أبو الأعلى المودودي هذه السورة في كتاب عظيم أسماه ( تفسير سورة النور ) فإن استطعت شراءه بوزنه ذهبا فأنت الرابح ، الرجل الذي وقف أمام صنائع الانجليز ( القاديانيون ) الذين قالوا إن النبوة لم تختم بمحمد عليه الصلاة والسلام ؟
رأيته في مؤتمر إسلامي عقد في دمشق ، مع أبي الحسن الندوي سنة ٥٦ واستمعنا لمحاضرته عن رجال الفكر والدعوة ، وقف أبو الأعلى المودوي يلقي كلمته والندوي يترجم إلى العربية .
والندوي أديب بليغ يحسده على بلاغته علماء الأزهر وشيوخه ، كتب كتابا ( ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ) قدمه له الأديب الكبير أحمد أمين وأحمد الشرباطي وسيد قطب رحمهم المولى .
أخيرا هاهو النور يزحف إلى أوربا وأمريكا ، هل قرأتم كتاب سيد رحمه الله ( المستقبل لهذا الدين
( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) ٨ سورة الصف
( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ) ٣٢ سورة التوبة
ما أكثر الحروب الإعلامية التي تُشن لتشويه الإسلام ورموزه الحية بتهمة الارهاب !
ويأبى الله إلا أن يتم نوره
( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) آل عمران .
هنيئا لمن عرف الله وتفانى في طاعته ، هنيئا لمن دعا إليه فهو المنتصر .
( فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) الحج ٤٦ .
هل رأيتم الآلاف يصلون في شوارع واشنطن يقولون : الله أكبر
( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ٢١ يوسف
سيدنا يوسف وضعوه في البئر ليموت لكن الله تعالى جعله عزيز مصر ، فمهما كان خصمك قويا ، ومهما كان محكما بقبضته فالله غالب على أمره .
هل قرأتم ماقاله برنارد شو الانجليزي عن نبيكم محمد عليه الصلاة والسلام ( إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد ، هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والاجلال ، إنه اقوى دين على هضم جميع المدنيات ، خالدا خلود الأبد ، وسيجد هذا الدين في القارة الاوربية المجال الفسيح ، لقد اطلعت على أمره فوجدته أعجوبة خارقة ولم يكن عدوا للمسيحية ، بل يجب أن يسمى منقذ البشرية ، ولو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن من سلام وسعادة ترنو إليها البشر )
صلوا عليه وسلموا تسليما .
والله أكبر والعاقبة للمتقين
وفرجك ياقدير
وسوم: العدد 710