الغزو الفكري!
انتهيت منذ لحظات من قراءة كتاب عظيم جدا جعلني أردد :
كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي .
قال تعالى ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) ٨٥ الإسراء .
والمأخذ الشنيع على بعض الدعاة أنهم اكتفوا بما قرأوا ، وشبعوا مما تعلموا فصار عندهم اكتفاء ذاتي !
بل وغرور فكري ؟
فالمثل العامي يقول : اطلب العلم من المهد إلى اللحد .
وكلنا يعلم أن أول آية نزلت من كتاب الله تقول ( اقرأ ) لكن تلفت نظرنا أن القراءة تكون ( باسم ربك )
من لم يعرف عدوه !
كيف سيحاربه ؟
أساليب الأعداء في محاربة الإسلام مدروسة جيدا ، تصوغها عقول ضخمة تسمى أحيانا باسم الاستشراق وأحيانا باسم التبشير ، وكلاهما يمهد للاستعمار !
في كليات الحقوق في إحدى الدول العربية ٢٠ محاضرة للقوانين الأوربية ومحاضرتين فقط للشريعة الإسلامية !
ومن الوسائل الخبيثة :
القروض الربوية كما فعل الخديوي إسماعيل أغرق بلاده بالقروض حتى جاء اليوم الذي باع فيه حصة مصر من قناة السويس !
وكان المفروض أن يحقق ما طلب منه الاختلاط في المدارس ، وفتح الملاهي الليلية ونصب تماثيل للعظماء ! ففعل .
يحدثنا مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني رحمه الله عن مفاوضات جرت بين وزير خارجية بريطانيا واسمه كرزون وبين مندوب دولة إسلامية سنة ١٩٢١ والمطلوب :
١/ أن تقطع صلتها بالإسلام ٢/ أن تلغي الخلافة ٣/أن تختار لنفسها دستورا مدنيا لا علاقة له بالشريعة !
وقد استجاب زعيم عربي مشهور ( العبد الخاسر ) فألغى المحاكم الشرعية واستبدلها بالمحاكم المختلطة ؟
ونهب الرجل أوقاف المسلمين لينشىء كلية طب الأزهر ليخرج أطباء مسلمين وأنا اعرف بعضهم بعد التخرج لا يصلون ولا يصومون رمضان !
ونسأل بحسرة لماذا لم يجعل هذا الزعيم كلية للشريعة في جامعة القاهرة لتخرج علماء رياضيات مؤمنين ؟
في سوريا هيىء كرسي وزارة المعارف للسيد ميشيل عفلق وسمي وزيرا للمعارف !
استغل الرجل منصبه فأرسل بعثات إلى فرنسا وبريطانيا لطلب العلم فعادوا بأجسام عربية وعقول غربية ، وفتحت المدارس في حلب باسم اللاييك والفرنسيكان والغرير في دمشق لتخريج بدائل للاستعمار إذا رحل ؟
نحن نحتفل بعيد الجلاء والمستعمر يضحك بعبه ! رحل وترك عملاء وغرس في عقولهم حب الغرب وماحوى !
طلب مني وزير من عائلة حلبية كبيرة ومشهورة أن أدرس أولاده في البيت ، استجبت طمعا بدراهم معدوات ، دخلت البيت استقبلتني الأم وهي في أبهى زينة وبثوب قصير جدا وأصباغ وألوان وشعر رتبه الكوافير الرجالي !
المهم جاء الأولاد قلت لأحدهم درست اللغة العربية ، قال نعم ، قلت هات مثالا على الفاعل ، قال : جاء بطرس !
قلت للثاني هات مثالا على المفعول به قال : رأيت يوحنا ؟
انسحبت من هذا القليط الذي وقعت فيه ولم أعد !
وتفو على رغيف مجبول بالدنس والشهوات ؟
أعود للعنوان :
الكتاب دراسة علمية وتاريخية عن الغزو الفكري وآثاره المدمرة على أمتنا الإسلامية ، والتي تدَرَّجَ عليها الأجيال الآن في صمت ورضا ، مع مصادمتها لمعالم ديننا العظيم
متى دخل علينا هذا الوباء؟
وكيف استقر ثم استمر ؟
ولماذا تحولت العقول والأذواق والأفهام إلى النقائض والاضداد حتى أصبحنا في وضع بئيس غير مسبوق في تاريخنا !
كيف ماتت روح المقاومة بهذه التربية القاتلة !
الكتاب تشخيص للداء وتعرية جذور الوباء ، حتى يمكن لاجيالنا المعاصرة أن تتدارك حياتها بالعلاج الناجع ، والدواء النافع من هدي القرآن الكريم وطب الإسلام ، حتى تستأنف رسالتها في الحياة مرة أخرى على بصيرة ونور .
قالوا اعرف عدوك ؟
ونحن لا نعرف عدونا ! ولا أساليبه فكيف سنحاربه أو نقتلعه !
صار تلاميذ عفلق يسرحون ويمرحون في المعارف ؟
طردوا أساتذة الدين من المدارس كي لا يفسدوا الجيل ، وجعلوا علامة الديانة في البكالوريا شكلية ولا علاقة لها بالمجموع ، لا تؤثر في نجاح أو رسوب ؟ فالدين لايهم الطالب وهو على أبواب الجامعة !
وأخيرا ألغوا كلمة ديانة واستبدلوها بكلمة أخلاق !
لأن كلمة ديانة تعني الإسلام ، أما كلمة الأخلاق فكلمة عامة مطاطة ؟
هل أخلاق الكفار ، أم أخلاق الملحدين ، أم أخلاق العرب !
المهم اقتلاع هذا الدين من عقول الناشئة !
وصار المحقق يسأل السجين المعتقل هل تحفظ سورة التوبة ؟
عيب دعاة الإسلام أنهم لا يقرأون ، واكتفوا بما قرأوه في كتب الدراسة !
ألححت على إخواننا الأحياء ممن اعتقلوا وعذبوا في تدمر وصيدنايا اكتبوا مذكرات عن السجن وأهواله فتكاسلوا ؟
إن إخواننا في مصر قدموا للمكتبة العربية ما لاقوه من أهوال !
اقرأ مذكرات واعظ أسير لأحمد الشرباصي العالم الازهري ، اقرا كتاب عندما غابت الشمس لعبد الحليم خفاجي ، اقرا : البوابة السوداء لأحمد رائف . اقرأ أهوال التعذيب في السجون المصرية
بل أن مسيحيا أخذ في الاعتقال العشوائي ولاقى في سجن طرة أهوالا فأخرج كتابا اسمه ( أقسمت أن أروي )
أخيرا
آمل من دعاة الإسلام والقادة أن يطبعوا كتاب الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام ، تاليف الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد ويضعوه في أيدي الشباب في بلاد المهجر والاغتراب ، اقرأوه يا أخوة مرتين واحفظوا مراجع الكتاب لعلماء كبار ربانيون أمثال الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر في كتابه ( الحمد لله هذه تجربتي )
وتحية إلى قادة الصف الأول قائلا ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) التوبة ١٠٥
يارجال الدعوة ، ياشبابها وقادتها اقرأوا عن الغزو الفكري وسعوا قدراتكم فقد قرأت في صغري قصص كامل الكيلاني ومغامرات طرزان .
وصيتي الأخيرة:
اقرأوا وابحثوا عن كل جديد ولا تكونوا ممن قيل فيهم ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلا النوم !
وليسقط كلام من قال :
إنما الدنيا طعام وشراب ونكاح فإذا ما نلت ذاك كنت من أهل الفلاح ؟
بل :
وخير جليس في الأنام كتاب .
والله أكبر والعزة للإسلام .
وسوم: العدد 721