رحلة مع عصافير الجنة
في تاريخنا العظيم هناك رحلة على الجمل قطعت آلاف الكيلو مترات امتثالا لقوله تعالى ( قل سيروا في الأرض ثم انظروا ... ) فكان في تراثنا العظيم رحلة ابن جبير ورحلة ابن بطوطة .
أما الرحلة التي سأتحدث عنها ففي سيارة فخمة لمسافة ٢٠ كم ، ويمكنني أن أخطف لها عنوان برنامج أردني عنوانه ( عصافير الجنة ) ولعلها استمدت العنوان من كلمة صقر قريش الأمير الذي اقتحم الصحاري والبحار ليصل إلى الأندلس .
رحلتي مع عصافير الجنة ( طلاب حلقات تحفيظ القرآن الكريم في بيت الدعوة ) تذكرني بنسر من نسور الإسلام ألا وهو جعفر بن أبي طالب هاهو في مؤتة يصول ويجول وأمامه مليون من الروم من بني الأصفر ، قطعت يمنيه حاملة الراية ونفر الدم الغالي من سيدنا جعفر فأخذ الراية بشماله وهو يهتف الله أكبر ، ثم نزل على فرسه التي أثخنتها الرماح والسيوف وصاحبها يقول قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ( وعجلت إليك ربي لترضى )
أعود للرحلة فأعصر الذاكرة لعلها تسعفني بأنباء تلك الرحلة يوم كنا صغارا إلى دولاب الحاج قاسم ، لكن الذاكرة شاخت وأصبح العصفور قاقا ولكن لسانه يقول :
ومما ذادني شرفا وتيها
وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك ياعبادي
وأن صيرت لي أحمد نبيا
الذاكرة تشكو لمن ؟
لوكيع بن الجراح أحد علماء الإسلام
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لا يهدى لعاصي
نستغفرك اللهم ونتوب إليك
وصلنا إلى واحة غناء تخجل مصايف بلودان وبقين أن تقف إلى جانبها ، غابة أشجار ، بحيرات ماء ، أشجار ظليلة ، مرج أخضر لا يستطيع الشبر إمالته !
ماذا أرى ؟
زهرات صغيرات يقفزن كالفراشات بألوان الربيع ، سمعت صغيرة تقول لأمها هذا أحلى يوم في حياتي .
رحلة لذكور وإناث معلمات وأمهات دون اختلاط محرم بل بالحجاب السابغ ، بل رأيت بعض النسوة بملاحف عجيبة وغريبة ، سألت عنهن قالوا ينتمون للخط النقشبندي في تركيا فاستعادت الذاكرة صورة شيخ النقشبندية في مدينة الباب أبو النصر خلف رحمه الله وابنه العظيم عبد الباسط الذي زين مكتبه بالظلال ، ظلال سيد الأدباء في القرن العشرين رحمهم المولى ، ومن أراد ان يعرف شيئا عن النقشبندية فليسأل أهل الشيشان من يقاتل في جمهورية حسنوف سوى لحى رجال التصوف النقشبندي .
أنا أقول وبصدق :
أحب الصالحين ولست منهم
لعلي أن أنال بهم شفاعة
ونعود للرحلة وحضر سيد الطعام الكباب فلا حركة ولا كلام ، إن المقبلات والعصيرات لا تدع للعين مجالا للنظر ، وتذكرت قول شاعر زار غرناطة فقال :
يا أهل أندلس لله دركم
ماء وظل وأنهار وأشجار
النساء والمعلمات الداعيات والصبايا على بعد ١٠٠ ، ومراسل صغير بين الشوارب والأثداء .
هاهو أحد شباب حركة حماس يجري سباقا مع العصافير ويأخذهم إلى زورق مائي يرافقه الأستاذ عبد الملك مدرس اللغة التركية ويركب صغار حفظة القرآن الكريم الزوارق المائية والفرحة تغمرهم .
الباب قرية قاحلة بجانب ماتراه العين ، ومع ذلك يقصفها ابن الوطن القرمطي ! ويأخذ الراية منه تنظيم سلاحه الألغام وكلاهما قدما للجنة شهداء وشهداء .
لكن هنا في تركيا الأمن والأمان والظلال والمياه وحكومة ساهرة على راحة شعبها وضيوفها ، نحن هنا في بلد أردوغان الزعيم العصري لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، حفظه الله وسدد المولى خطاه .
لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى .. لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما .. لبيك إن عطش اللواء سكب الشباب له الدما
هذه الجموع غدا سيجمع شملها في دولتي .. ولسوف تنهض كي تحطم باطلا في جولتي .. ولسوف تنهض في الآفاق الشامخات رايتي .
انشودة لحفيدي كرم مع مجموعة من العصافير ، أبكاني عندما قال
ياشام إني قد وهبتك من شراينني دمي .. قسما ، قسما ، ولن أرضى حلولا تستبيح كرامتي !
فقلت ماذا تصنع وفود المفاوضات في جنيف ؟ فالأطفال لن يرضوا بحلول تسيبيح كرامتهم .
ثم أنشودة البراعم بإشراف الداعية الشيخ قاسم والشيخ محمد علي السعيدي :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا مادع لله داع
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
وذاك الشيخ المعمو حوله عصافير تغرد بصوت جماعي ( قل هو الله أحد ، الله الصمد )
وأقيمت صلاة العصر جماعة لفتت نظر كل الحاضرين ، صلى الإله على من قال ( وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة
فليصل )البخاري
أما العاجز فتراب وتيمم وصار كما قال القائل :
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
وهبت علينا نسمات ذكرتني بصبا نجد ، ونجد عندي هي البلد التي قال عنها الشاعر :
يارعاها الله أرضا قدست آثارها
ماؤها عذب وعزيز جارها
إنها وادي تيماء وتل حبيب بن مسلمة الفهري ، إنها مدينة الباب حرسها الله .
وتألقت زهرة من أزهار الجنة وهي تنشد بصوت جميل :
رقت عيناي شوقا ولطيبة ذرفت عشقا .. فأتيت إلى حبيبي
فأهدا ياقلب ورفقا
السلام عليك يارسول الله
السلام عليك ياحبيي يانبي الله
فإلى الذين يسمعون صدى السعادة من بعيد ستقولون ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما
ردوا من مكانكم نشيد : حطموا ظلم الليالي واسبقوا ركب المعالي ، وابذلوا كل الغوالي ، وارفعوا دين محمد
ليس في الإسلام ذل ، ليس فيه مايمل ، كل مافيه يجل ، إنه دين محمد
إنما الإسلام قوة ، وجهاد وفتوة ، ونظام وأخوة ، واتباع لمحمد
صلى الله على سيد الوجود محمد .
أنشد صغار مدينة الباب هذه الأنشودة أمام الوزير الكويتي يوسف الرفاعي رحمه الله .
وهدي محمد عليه السلام ينادي اليوم : أين أنتم ياتلاميذ محمد
شكرا ثم شكرا للقائمين والمشرفين على بيت الدعوة في نزب ، الشكر للمعلمات الفاضلات ، الشكر لولدي عبد الحميد على متابعته حلقات القرآن واهتمامه .
شكرا ثم شكرا لجماعة ( دعاة إلى الخير ) لدعمهم وفقهم الله لكل خير .
وتحية عاطرة صادقة لقائد الركب المبارك الدكتور محمد حكمت وليد حفظه المولى وسدد على الحق خطاه .
والتحية لاخوانه القادة حفظهم الله ، ولا نامت أعين الجبناء
ياغارة الله جدي السير مسرعة لكشف غربتنا ياغارة الله
والله أكبر ولله الحمد
وسوم: العدد 721