السّياحة العسكرية عبر زيارة القوات الجوّية

أجّل صاحب الأسطر زيارته للطبيب إلى الفترة المسائية ليتفرّغ صباحا لزيارة المعرض الخاصّ بالقوّات الجوّية المقام أيام 29، 30 و31 مارس 2018 للمرّة الثانية[1]بالقاعدة الجوّية بالقواسمية بالشلف الشهيد امحمد محمّد المدعو علي المجاجي، رفقة الزّوجة، وأكبر الأبناء وليد، وابنتي الوحيدة ملاك، وأصغر الأبناء شمس الدين، وابن خالتهم محمد.

وصلنا للمقرّ على السّاعة العاشرة صباحا، سيارات تملء الأفق، وخلق كبير  يسرع للدخول رفقة الأزواج والأبناء بل رأيت شيوخا وعجائز يحملهم أبناءهم عبر كرسي متحرّك ويطوفون بهم مختلف الأجنحة.

أنظر عن يساري لافتة مكتوب عليها: "مقر القيادة العامة"، فأقول لأبنائي: انظروا جيّدا، قيادة السّماء لها "برّاكة" ولا تملك طوابق وهي التي تملك السّماء، وقد تجد أصغر موظف في أصغر إدارة يتنعمّ بعمارات شاهقة وطوابق عالية.

أنظر فأرى إشارات متعدّدة تابعة للقوات الجوّية فأسأل طيار فيجيب: تلك الإشارات تدل على وظيفة كلّ قطاع داخل القاعدة: القطاع المحارب، القطاع المساعدة والإنقاذ، قطاع الحماية المدنية، قطاع الميكانيكي وغير ذلك من الأمور التي لم نحفظها جيدا.

ندخل قاعة المحاضرات فكانت غاية في الجمال والنظافة وحدّثني أحد القائمين عليها فقال: هذه الشاشة يوجد منها القليل جدّا على مستوى الوطن وقد ذكر لي العدد ، وأنّ سعرهامرتفع جدا ولا يحضرني الآن، وأنّ نائب وزير الدفاع الفريق أحمد قايد صالح يخطب في المؤسسة العسكرية باستمرار دون داع للتنقل، ثمّ قال: وكأنّه أمامك حين ترى القادة الكبار للقاعدة الجوّية يجلسون وينصتون بوقار  وباستمرار، وبإمكانه وهو بعيد عن القاعدة الجوّية أن يسأل أيّ جندي وأيّ قائد وهو جالس في مقعده.

دخلنا مدرج الطائرات والحوّامات فكانت فرصة لرؤيتها عن قرب و ولوج داخلها والوقوف على بعض ماتميّزت به، وفي كلّ طائرة وحوّامة إلاّ وأغتنم الفرصة وأسأل القائمين عليها وهم شباب رزقوا حسن المظهر وكمال الأخلاق والإجابة التي تدلّ على أنّهم محترفون يتقنون مهنتهم ويحترمون وظيفتهم، ومنها:

حوّامة تحمل الجرحى والمرضى وهي عبارة عن مستشفى متنقل وقد دخلت الطائرة ووقفت على السرير عن اليمين وسرير عن اليسار وكذا الأدوات الطبّية اللّازمة، وكذا حوّامة خاصة بالإنقاذ وتقديم المساعدات، وأيضا حوّامة حربية وقد عرضت بجانبها الأسلحة الخاصة بها، وحوّامة عملاقة MI26T2 جديدة متعدّدة الخدمات من نقل أشخاص وعتاد وليست حربية كما ذكّرني بذلك أكبر الأبناء، وأخبرنا القائمون عليها أنّ الجزائر اشترتها مؤّخرا من روسيا وعددها قليل جدّا عبر العالم.

زرنا بعدها الشاحنات الخاصّة بإطفاء النيران والشروحات القيّمة التي قدّمها القائم عليها وقد استفاد منها أبنائي خاصة فيما يتعلّق بالمعادلات الكيميائية والتي أبدع في شرحها القائم عليها، ولباس رجال المطافىء الذي يقاوم درجة 3000 درجة مئوية.

لمست وأنا أطوف مختلف الأجنحة أنّ بعض الجنود والعاملين على الشرح والتوضيحأصابهم الإرهاق وسمعت بعضهم يترجى الزّوار أن يتوقف ولو لنصف ساعة من زيارة الطائرة أو الحوّامة في انتظار أن يأخذ وجبته من الفطور، وعليه يطلب الزّائر من قيادة القاعدة الجوّية أخذشكوى أبنائها حفظهم الله بعين الاعتبار التي سمعها ورآها رأي العين.

دخلنا إلى المخزن العملاق الخاصّ بصيانة الحوّامات، وما لفت انتباه الزّائر  وجود لافتات كتبتعليها حكم بليغة بلغة فرنسية راقية سامية وفي غاية الإبداع والإتقان، لكن اللاّفتات التي كتبت باللّغة العربية كانت ضعيفة المستوى وتؤدي عكس ما يقصده صاحب اللّافتة، وقد ذكرت هذه الملاحظة للقائمين على الجناح ورحّبوا بها وقدّموا الشكر والثناء متمنين أن تأخذ ملاحظة الزّائر حقّها من القبول والرضا.

وفي العودة وقفنا عند مدرب الكلب فدار حوار مطوّل وطرحت عليه جملة من الأسئلة فكان في غاية الأدب والأخلاق وأجاب ببراعة محترف، ومما قاله: سعر الكلب 36 مليون سنتيم، وغذاؤه 12 مليون سنتيم، ومواد التنظيف ما بين 4.5 و 5 ملايين سنتيم. وأضاف: الأنثى أفضل من الذكر من حيث الهجوم والشراسة والصّرامة، والذكر أفضل من الأنثى من حيث قدرة الشمّ.

وأختم مقالي بما قلته عبر صفحتي بمجرد وصولي للبيت قائلا: أنا الآن قادم من زيارة المعرض الخاص بالقوات الجوّية بالقواسمية بالشلف رفقة الأهل والأبناء، وقد سبق أن زرنا المعرض منذ عامين في نفس المكان: طائرات، وحوامات، وطيارين، وأدوات إسعاف، ورجال إنقاذ، واستقبال في غاية الأدب والأخلاق، ونظافة تسرّ الناظرين، وانضباط يتمنى المرء لو ساد كلّ المؤسسات، وحرس شديد على أمن وسلامة الزوّار، وسعي حثيث لتلبية مطالبهم المتعدّدة، ومعلومات مثيرة جديدة نافعة لمن سأل وأكثر من السؤال، وصبر على ملاحظات قاسية على الأسماع لمن دقّق وأمعن وأطال ولا حظ بالتي هي أحسن. وكانت جولة في غاية الروعة. والشكر لمن كان السبب من أبناء الجزائر التّابعين للقوات الجوية الجزائرية.

احفظ اللهم الجزائر ، وارفع أبناءها في الجوّ، واحفظهم في البحر، وكن لهم في البرّ، وانزل عليهم سكينتك في الحدود، واغمرهم بعطفك ورحمتك في الرمال، ووفقهم اللّهم لخدمة الجزائر.

[1]الزيارة الأولى عبر مقالنا: "القاعدة الجوية بالموافقية.. عائد من الزيارة"، بتاريخ: الأربعاء 6 جمادى الثانية 1437 – 16 مارس 2016

وسوم: العدد 766