أسماء الفائزين الحقيقين في الانتخابات العراقية الأخيرة.. والغلبة ستكون في النهاية للطرف الإيراني.. لماذا؟
صحيفة الرأي اليوم
الان وبعد ان تأكد كل ما قيل سابقا من ان نتائج الانتخابات العراقية ستكون كما يراد لها، عودة للغالبية العظمى من التكتلات السابقة الفاشلة والطائفية والعنصرية، والغالبية العظمى من الوجوه الملوثة بالفساد الكبير والفشل الأكبر في الأداء، وما قاله الكثيرون من انه سواء شاركت الناس بكثافة ام قاطعت فان النتائج محسومة بالتزوير او باستخدام لعبة (أصوات الخارج)، التي كانت بالأساس قليلة جدا، من اجل دعم المرشحين الذين يفشلون في الحصول على أصوات كافية من الداخل. علما بان كل الدلائل تشير، وبحسابات رياضية بسيطة بين الإعداد التي اعلنتها المفوضية (غير المستقلة) للانتخابات ممن حدثوا بياناتهم واستلموا بطاقاتهم الانتخابية، ومقارنتها مع الاعداد التي أُعلِنَت عن من يحق لهم الانتخاب من العراقيين، ومع الإعداد المشاركة في الانتخاب فعليا، يتضح ان نسبة المشاركة لا يمكن ان تتجاوز 20%.
ولكن الكارثة في هذه العملية لا تكمن فقط في التزوير ولا بالتلاعب بالنتائج، كما صرح موخرا احد أعضاء الهيئة المسؤولة عن الانتخابات، ولكن الكارثة الحقيقية تكمن في حقيقة ان الجهة او الجهات الحقيقية التي فازت بالانتخابات كانت الأطراف الخارجية وليس العراقيون الذين ظلوا يعانون منذ بداية الاحتلال ولحد هذا اليوم. وان كل الذين ضحكوا على العراقيين وبشروهم بفجر جديد وببداية مغايرة وبإصلاح جذري وبالقضاء على الفساد، لا بد وأنهم يضحكون في سرهم فرحين بتضليلهم للشعب العراقي المسكين والمظلوم. كما وانه على الرغم من الحديث عن الحوارات الجارية او التي ستجري بين الكتل الفائزة، فان هذه اللقاءات ما هي الا حوارات وصراعات بين الكتل والجهات الفائزة حقيقة في الانتخابات، وهي ايران اولا، والولايات المتحدة و معها بعض دول الخليج وإسرائيل ثانيا. وهذه الكتل هي التي تعمل بجد الان على تكوين او تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان القادم. وقول ذلك لا يكشف سرا خافيا او يفضح أمرا مستورا.
فهذا هو المبعوث الامريكي يتنقل بين بغداد واربيل لحث الأطراف الموالية له تماما لكي تأتلف فيما بينها، في حين ان المبعوث الإيراني استقر في المنطقة الخضراء لكي يقنع الأطراف الموالية او التابعة لإيران لكي تتحالف فيما بينها بأسرع وقت ممكن، وذلك لاستبعاد القوائم الفائزة، وخاصة قائمة التيار الصدري، التي تعتبرها ايران لا تمتثل لإرادتها. كما بدأت عمليات حرق وتدمير مباني و منشئات تابعة للتيار الصدري الذي خرج باكبر عددد من المقاعد النيابية، من اجل ترويع هذا التيار، قيادة وتابعين. ومن غير المستبعد ان يتم (دعوة) قائد هذا التيار الى ايران واحتجازه هناك كما حدث في مرة سابقة. وذلك (عقابا) له على عدم الامتثال للأوامر الإيرانية، وعلى الهتافات التي رددها اتباعه في بغداد ومناطق اخرى (ايران بره بره بغداد تبقى حرة).
كما ان اغلب الدلائل تشير الى ان الغلبة ستكون في النهاية الى الطرف الإيراني ، وذلك لعدة أسباب، أهمها وجوده المكثف على الارض المتمثل بفيلق القدس، وبكثرة اتباعه من السياسين الحاليين وبالقوة المسلحة التي يمتلكونها المتَمثِلة بالحشد الشعبي. اما الطرف الامريكي ومن يواليه من دول الخليج وإسرائيل فلا يملكون سوى المال والمناورات التي يحاولون من خلالها تشتيت الأطراف المناوئة لهم. علما بان هذا الطرف ليس له هدف سوى ابقاء العراق بهذه الحالة مشتتا وضعيفا. طبعا هذا يجب ان لايفهم منه ان ايران، وعن طريق تمسكها وتصعيد نفوذها في العراق ، تريد ان تساهم في بناء عراقي قوي ومستقل وخالي من الفساد، فهذا ليس هدف ايران، هدفها الحقيقي اولا هو ابقاء العراق تحت نفوذها. وثانيا، وهو الاهم، ان ايران تعلم جيدا ان الادارة الامريكية، وبتحريض كبير من اسرائيل ، تريد تقليم النفوذ الإيراني في المنطقة، وان هذه السياسة بدأت في سوريا عن طريق المواجهة العسكرية المباشرة مع التواجد العسكري الإيراني هناك، وانتقلت الى العراق عن طريق الاستفادة من الانتخابات اولا، ثم الإعداد للمواجهة في تشكيل الحكومة الجديدة ثانيا. واذا ما فشلت هذه المحاولات فسيكون لكل حادث حديث، من وجهة نظرهم.
وخلاصة لكل ما قيل أعلاه فان الشعب العراقي بغالبيته العظمى خرج خاسرا و ان بلده سيكون عاجلا ام اجلا ساحة لصراع دامي بين الأطراف الخارجية التي فازت في هذه الانتخابات، والمخرج الوحيد الذي يمكن ان يخلصهم من هذا المأزق الخطير هو ان يظهر من بين الوجوه المشتركة في العملية السياسية شخص يستطيع ان يرضي الطرفين، وهذا امر لا توجد دلالات عليه، كما انه صعب التحقيق. او ان تنتبه ايران الى اخطائها السابقة وتقوم، مع احتفاظها بالوجوه التابعة لها، بدعم تشكيل حكومة قادرة على محاربة الفساد وإعادة تأهيل البلاد التي دمرتها حرب الاحتلال والحروب التي تلتها، وهذا امر اصعب لان ذلك يعني بداية وضع العراق على الطريق الصحيح للتعافي، كما انه يمكن ان يغلق باب الفساد الذي استفادت و تستفيد منه ايران، خاصة بعد ان أعلنت إدارة ترامب عقوبات قاسية جديدة عليها. والسؤال الأخير هنا ماذا سيكون موقف الولايات المتحدة في حالة تفوق النفوذ الإيراني؟
هناك من يقول بان تنازلات أمريكية في قضية الملف النووي الايراني قد تنجح في تخفيف بعض النفوذ الايراني في العراق، وهناك من يقول ان الحل الامريكي يمكن ان يتمثل بانقلاب عسكري قد تلجأ اليه الولايات المتحدة كي تزيح الجميع لمدة سنة او سنتين ثم تجبر الانقلابيين على اجراء انتخابات جديدة وبعيدا عن الضغوطات الإيرانية، وهو اُسلوب سبق وان استخدمته في أمريكا الجنوبية و في جنوب شرقي اسيا. في حديث لي مع اكاديمي إيراني يعمل مستشارا التقيته في موتمر دولي، وبعد ان عاتبته على اصرار ايران على دعم وجوه فاسدة في العراق لكي تبقي نفوذها من خلال هذه الوجوه، في الوقت الذي تحرص قياداتها على محاسبة كل من تحوم حوله شبهات فساد داخل ايران، ومهما كان منصبه، أجابني بان ايران لا تكترث.
وسوم: العدد 773