تتكثف مؤخراً زيارات المسؤولين الأمريكيين من أعضاء " فريق ترامب " لدول المنطقة
تتكثف مؤخراً زيارات المسؤولين الأمريكيين من أعضاء " فريق ترامب " لدول المنطقة ، ويبدو ان ذلك يجيء تمهيدا للإعلان خلال ايّام او أسابيع قليلة عن " خطة ترامب " " للسلام " ، أو ما يسمى بِـ " صفقة القرن " ، أي بكلمات أُخرى خطة ترامب - نتنياهو لـ " تصفية القضية الفلسطينية" باختزالها الى حقوق جزئية محدودة ،ضئيلة وهامشية؛
• يُمكن لجزءٍ بسيطٍ منها أن يتم على جزءٍ ضئيلٍ من أرض فلسطين ، و
* يأخذ الجزء الآخر منها شكل توطين فلسطينيين خارج ارض فلسطين في سيناء وكذلِكَ فِي بلدان اللجوء، وفي بلدان الشتات ..!
جوناثان كوك هو صحفي بريطاني مقيم في مدينة الناصرة الفلسطينية المحتلة ، وهو من الصحفيين البريطانيين المُعتَبَرين المطّلِعين على تفاصيل القضية الفلسطينية وله مقالات كثيرة فيها. وقد كَتَبَ مُؤخراً مقالاً نشره في موقع Middle East Eye (MEE)، وفيه استعرض ما يمكن ان تتضمنه خطة ترامب للسلام من عناصر .
في هذه اليومية سأحاول ان أُبْحِرَ فيما كتبه حول هذه الخطة، لمحاولة التعرف على الخطوط التي يمكن أن تُشَكِّلَ معالِماً لها .
يقول جوناثان كوك أن بعض عناصر الخطة قد تم تنفيذه( اعتبار القدس عاصمة لدولة الكيان ونقل السفارة الامريكية اليها ) ، أو أنه شُرِعَ بتنفيذه من قبل دولة الكيان الصهيوني العُنصري أو أنه يجري التحضير لتنفيذه من قبلها ومن قبل أطراف اخرى ( الولايات المتحدة ، بعض الدول العربية ، وأطراف اخرى )، أو أن تنفيذ عناصر اخرى منها سيتم بعد الإعلان الرسمي عن الخطة .
وينبغي هنا وقبل الولوج في التفاصيل المتوقع أن تتضمنها الخطة أن نذكر بأنَّ ما لم يتم تنفيذه من عناصر تلك الخطة ، فهو يقع في خانة التمنيات والأهداف ، وتطمح الولايات المتحدة ودولة الكيان الصهيوني أن تتمكن من تحقيقها بكل الوسائل المتاحة لديها سواء عن طريق الضغط والتهديد او عن طريق الترغيب او حتى باستخدام القوة المسلحة والارهاب .
ومع ذلك ، يقول جوناثان كوك بأن نتنياهو يعلم بأن الفلسطينيبن لن يقبلوا الخطة ، وعليه وفِي ضوء هذا الرفض المتوقع ، فإن نتنياهو يسعى لتوظيف ذلك وإظهار نفسه عبر قبوله للخطة ( ربما حتى مع وجود عناصر فبها لا تلقى قبولاً منه ) على أنّه رجل السلام ، وأنه سيحاول استثمار الرفض الفلسطيني للخطة وتجييره لصالحه بهدف عزل الفلسطينيين وإضعاف موقفهم في الأوساط الدولية.
وبخصوص ترامب ، يقول كوك بأنه سيواجه الرفض الفلسطيني لها بموقف مفاده بأنَّ الولايات المتحدة قدمت صفقة عظيمة تحقق السلام في الشرق الأوسط ، وأنه بناء على رفض الفلسطينيين لخطته ، فإنَّ الإدارة الامريكية ستتوقف عن بذل أيِّ جهود أُخرى بخصوص هذه المسألة وأنها ستترك للاطراف المعنيّة ومنذ لحظة إعلان الرفض الفلسطيني للخطة ، مهمة معالجة الأمور وتسوية النزاعات الناشبة بينا الأطراف المعنيّة بجهودها هي وبصورة مباشرة .
يضيف كوك ، بأن مخاوف ترامب حول مصير خطته ، تنبع من التوقعات المتعلقة بصحة الرئيس محمود عباس واحتمالات رحيله، وفِي هذا يقول بأن رحيل عباس قبل الإعلان عن الخطة او قبل انتزاع موافقة السلطة عليها من شأنه أنَّ يخلق فراغاً قاتلاً سيترك آثاراً سلبية على مَصير خطته، قد يؤدي الى دفعه لوضعها على الرف.
أمّا نتنياهو ، يقول كوك ، فإن رفض الفلسطينيين لها أو رحيل عبّاس المبكر ، ونُشوء فراغ في القيادة الفلسطينية نتيجة لذلك أو لجوء ترامب لتأجيل الإعلان عنها لأي سبب أو وضعها على الرف ،...فإن أيٍ من هذه الإحتمالات ستمنح نتنياهو مزيداً من الوقت سيستثمره لأكمال مخططاته في استعمار الضفة الغربية المحتلة وتهويدها والتخلص من سكانها الفلسطينيين.
يستطرد جوناثان كوك قائلا بأن الفلسطينيين يعتَقِدون انه وبموجب خطة ترامب للسلام ، فإنهم سُيُمنحون ما نسبته (١١٪) من أراضي الصفة الغربية المحتلة ، وأنَّ تلك الاراضي ستكون خالية من السلاح ، وأنَّ حدودها وأجوائها ستكون تحت السيطرة الإسرائيلية .
يقول جوناثان كوك بأن الخُطّة يُعْتَقد أنها تتكون من العناصر التالية :
١- " تقسيم القدس الى مناطق بما يتوافق مع المصالح والمخططات الصهيونية :".
٢- "أبو ديس : عاصمة للفسطينيين ؟ "
٣- "ممر للمسجد الأقصى"
٤- "وادي الاْردن "
٥- "باقي أراضي المنطقة C"
٦- "غزة وسيناء "
<> وفيما يتعلق بالعنصر الاول ، أي "تقسيم القدس الى مناطق بما يتوافق مع المصالح والمخططات الصهيونية" ، يقول جوناثان كوك أن الرئيس الأمريكي ترامب قد حسم موقفه فيما يتعلق بمستقبل المدينة عندما اعترف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) ونقل في منتصف أيار الماضي سفارة بلاده اليها.
ويقول أيضاً أن " نقل السفارة " الى القدس أوَّلَه نتنياهو على أنه تأييد أمريكي صريح لسلسلة من الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها دولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) خلال الأشهر الأخيرة والتي استهدفت منها خلق ما يُسمى بِـ " القدس اليهودية الكبرى ".
ويُضيف بأنَّ مقترحين تشريعيين إثنين تزمع حكومة دولة الكيان الصهيوني العُنصري إصدارهما يقعان في رأس الإجراءات التي تنوي دولة الأبارتهايد اتخاذها لإعادة رسم حدود مدينة القدس ومناطق تمركز سكانها ، وأن الهدف الذي تسعى لتحقيقه من خلالهما يتمثل في سعيها " الى تحقيق أغلبية يهودية ساحقة في المدينة" . ويقول بأن حكومة نتنياهو قد جَمَّدَت الإجراءات الهادفة الى تفعيلهما هذان المقترحان بانتظار قيام ادارة ترامب بالإعلان عن خطته للسلام ، أي خطته لتصفية القضية الفلسطينية .
يتناول جوناثان كوك المقترح التشريعي الاول والمُسَمّى بمشروع " قانون القدس الكبرى " ، فيقول انه يستهدف ضم عدد من المستوطنات ( المستعمرات ) اليهودية القريبة والواقعة في مناطق الضفة الغربية المحتلة الى بلدية القدس .
ويُضيف بأن إجراءً من هذا القبيل من شأنه أن يزيد عدد سكان القدس اليهود بنحو (١٥٠) الف مستوطن يهودي جديد من المستوطنين المقيمين في مستعمرات مقامة في أراضي الضفة الغربية المحتلة ، ومن شأنه كذلك "أنْ يضم الى دولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) أراضي تلك المستعمرات" . ويقول بأنَّ ( حكومة نتنياهو تنوي طرح هذا المشروع للمناقشة مرة اخرى في يوم الأحد الموافق ١٧ حزيران ٢٠١٨) .
وحول مشروع القانون الآخر، ، إن جوناثان كوك يقول بأنه " يستهدف نزع حق الإقامة في مدينة القدس من مائة ألف مواطن فلسطيني وجدوا أنفسهم مقيمين على الجانب الخاطىء " من جدار بدأت دولة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) بإقامته في مدينة القدس قبل خمسة عشر عاماً ، وأنه وبموجب هذا القانون ، فسيتم منع هؤلاء الفلسطينيين من الإقامة في مدينتهم ، وسيتم ادارة شؤونهم من قبل " مجلس " منفصل يتم تشكيله لهذا الخصوص .
ويستطرد كوك قائلاً بأن دولة الكيان الصهيوني قد شددت إجراءات القمع المُمَارَس على الفلسطينيين الذين لا زالوا يقيمون في القدس الشرقية، وأن إجراءات القمع تلك تَتَضَمَّن شَن حملات الإعتقال الليلي ، وتدمير البيوت ، وإغلاق أماكن عمل الفلسطينيبن من سكان القدس ، وإنشاء متنزهات عامة غلى الأراضي المصادرة منهم ، والتنصل من مسؤولية تزويد الأحياء التي يقطنون فيها من الخدمات الأساسية .
ويقول بأنَّ الهدف غير المُعْلَن من هذه الإجراءات فهو الضغط على الفلسطنيين ودفعهم لترك أماكن إقامتهم ونقلها الى ما وراء ذلك جدار الفصل العُنصري ذاك .
ويُضيف أيضاً بأنَّ الخبراء قد لاحظوا مؤخراً بأنه يجري مُمَارَسة الضُّغوط على مدارس الفلسطينيين في المدينة لتغيير مناهج التدريس في مدارسهم وفرض تبني المنهاج الإسرائيلي في تلك المدارس وذلك في محاولة لمحو الهوية الوطنية الفلسطينية من ذاكرة الطلاب الذين يدرسون في تلك المدارس وإزالتها من وعيهم .
إذن ، فإن دولة الأبارتهايد الصهيونية الإرهابية هي بصدد الإنهماك بعد اعلان ترامب عن خطته في استكمال الإجراءات التي تحقق أهدافها في مدينة القدس والتي بدأت في تنفيذها منذ عدة عقود بغية إزالة أية عوائق او عقبات متبقية تُعيق أو تُؤخر أو تُطيل من الأمد الزمني الذي رسمته لتحقيق تلك الأهداف .
<> وفيما يتعلق بالعنصر الثاني ، أي في اتخاذ بلدة "أبو ديس : عاصمة للفسطينيين ؟ "، يقول جوناثان كوك أنه ومع اعتماد الرئيس الامريكي ترامب للقدس عاصمة حصرية لدولة الكيان الصهيوني ( إسرائيل ) ، فإنَّ الفريق العامل مع ترامب على وضع وصياغة خطته للسلام يسعى لتبني حل يستهدف تقديم بديل للفلسطينيين عن القدس الشرقية من خلال إتخاذ بلدة " أبو ديس " عاصمة ً لهم، عِلماً بأن هذه البلدة تقع على بعد أربعة كيلومترات الى الشرق من مدينة القدس ومعزولة عنها من خلال جدار الفصل العُنصري الذي أقامته سلطات الاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من عشر سنوات.
ويقول جوناثان كوك بأن خطة " أبو ديس " ليست جديدة . ففي نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي ، قامت إدارة بيل كلينتون باقتراح إعادة تسمية " أبو ديس " بِـ " القدس " . وقد اعْتُبِرَ هذا الامر في حينه وكأنه مقدمة لاعتبار هذه البلدة العاصمة المستقبلية لدولة فلسطينية .
ويُضيف في هذا الخصوص بأن تقاريراً مُتَعددة منذ أواخر العام الماضي قد أفادت حول نية الارتقاء ببلدة " أبو ديس " واعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية بموجب خطة السلام الجديدة. ويقول بأن محمود عباس قد رفض هذه الفكرة في كانون الثاني الماضي رفضا قاطعاً .
يُعَلِّق جوناثان كوك على هذا التَّوَجُه من قبل الادارة الأمريكية قائلاً " إن " أبو ديس " هي بلدة يسكنها الفلسطينيون بكثافة ، ويبلغ عدد سكانها نحو (١٣) ألفاً . وإنه لمن المستحيل تصور من ناحية عملية كيف يمكن أن تعمل هذه البلدة على نحو ذو معنى كعاصمة لدولة فلسطينية " ، ويُضيف بأن أغلب أراضي بلدة "ابو ديس" تقع حالياً تحت سيطرة الإسرائيليين ، وهي مُطَوَّقة بالجدار ، كما بعددٍ من المستعمرات اليهودية بما في ذلك أربعون الفاً وهم سكان مستوطنة "معاليه أدوميم" .
وبخصوص هذه المُستعمَرة ( معاليه أدوميم ) ، يقول جوناثان كوك بأن عدداً من وزراء الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة قد جعلوا من مسألة "ضم" مستعمرة "معاليه أدوميم" اولوية في سلم مهامهم. وأنَّ نتنياهو قد عَمَدَ على تأخير خطة " الضم " مببناً الحاجة لانتظار إعلان الإدارة الأمريكية عن خطة ترامب للسلام .
أما بيلين Beilin، وفِي تعليقٍ حول ما تم نشره من تقارير عن تفاهمه مع محمود عباس وقبوله لفكرة اتخاذ " أبو ديس " عاصمة للفلسطينيين ، فيقول جوناثان كوك ، بأنه بيلين قد نفى ان يكون قد تفاهم في تسعينات القرن الماضي مع عباس على ذلك وأنه وفِي هذا السياق فقد قال :
" لم تلق تلك الفكرة أي قبول في ذلك الوقت، والخارطة تبدو مختلفة جِداً في هذا الوقت" ويُضيف بأن بيلين قد قال أيضاً بأنه ؛ " ينبغي ان تكون عاصمة الدولة الفلسطينية في القدس الشرقية " وأنه " لا يوجد شيء بديل عن ذلك يمكن القبول به (من قبل الفلسطينيين ) " .
إذنْ ، فإنَّ فِكرة إتخاذ بَلدة " أبو ديس " عاصمة للفلسطينيين ، هي فِكرة قائمة من المُرَجَّح أنْ تبقى الادارة الأمريكية مُتَمَسِّكة بها، وبالتالي، فقد تشتمل خطة ترامب للسلام عليها ، خاصةً وأن الإدارة الأميريكية الراهنة لم تترك لنفسها مساحة للمُناورة وذلك بعد القرار الذي اتخذته في كانون أول من العام الماضي (٢٠١٧) بنقل سفارتها للقدس وباعترافها بها عاصمة لدولة كيانها الأبارتهايدي.
<> وفيما يتعلق بالعنصر الثالث من عناصر الخطة ، أي فتح "ممر للمسجد الأقصى" يَصل بلدة أبو ديس بالحرم القدسي الشريف ، يقول جوناثان كوك بأن فِكرة إقامة هذا الممر الكوريدور قد استهدفت تحقيق هدف إتاحة المجال للفلسطينيين للوصول الى المسجد الأقصى للصلاة فيه.
وحول هذا الأمر يَذْكُر جوناثان كوك بأنَّ اسرائيل كانت ومنذ زمن تقوم بالسماح لأعداد متزايدة من المستوطنين بالدخول الى المسجد الأقصى والذي تَزْعُم "بأنه قد بُنِيَ على أنقاض معابد يهودية مدمرة منذ وقت طويل"، ويُضيف بأنه وبموازاة ذلك ، فقد عَمَدَت دولة كيان الأبارتهايد ( اسرائيل ) ومنذ فترة على تقييد وتضييق فُرَص أغلب الفلسطينيين وإعاقة وصولهم الى موقع المسجد الأقصى .
هذا وقد ارتفعت مخاوف الفلسطينيين من مُضِي دولة الكيان الصهيوني في إجراءاتها الرامية لفرض سيادتها على المسجد الأقصى وما حوله، وازدادت حِدّةً عندما قام ديڤيد فريدمان ، السفير الامريكي لدى دولة الكيان الصهيوني ، وهو أيضا أحد مُمَوِّلي إقامة المستوطنات في القدس وفي أراضي الضفة الغربية المحتلة في الشهر الماضي ، بالتقاط صورة له قَدّمها له المستوطنون اليهود تُظْهِره وهو يحمل صورة لموقع المسجد الاقصى مقاماً في مكانة هيكل سليمان .
إذَنْ ، فإنَّ فِكْرة الممر الذي يصل بلدة أبو ديس بالمسجد الأقصى يُعتبر عنصراً مُكَمِّلاً وضرورياً ولازماً لتسويق فِكرة إعتبار بلدة "أبو ديس" عاصمة للفلسطينيين بديلة للقدس وتحت مُسَمّى " أبو ديس " او تحت مسماها المقترح " القدس "..! ، ومن المُرَجّح ان تتضمن خطة ترامب للسلام هذه الفكرة .
<> وفيما يتعلق بالعُنْصر الرابع ، وهو يتعلق بالمخطط المرسوم لأراضي "وادي الاْردن "، يقول جوناثان كوك انه وبموجب أحكام اتفاقية أوسلو ، "فإن (٦٢٪) من أراضي الضفة الغربية المحتلة مُصَنَّفة على أنها منطقة من نوع (C)، وتقع هذه المنطقة تحت سيطرة إسرائيلية مؤقتة وتضم أكثر أفضل الاراضي الفلسطينية صلاحيةً للزراعة وهي بالتالي تمثل قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية ".
وَبخصوص أراضي تلك المنطقة ، يَذكُر جوناثان كوك بأنَّ دولة الأبارتهايد الصهيونية لم تقم في أي وقتٍ من الأوقات بأي انسحاب لقواتها من أراضي تلك المنطقة وذلك خلافاً لما اقتضته أحكام إتفاقية أوسلو .لا بل أنها وبعكس ذلك ، فقد قامت بتسريع اجراءاتها الرامية لتوسيع المستوطنات المقامة في تلك الأراضي ، كما عَمِلَت على جعل حياة الفلسطينيين على اراضي تلك المنطقة في غاية الصعوبة وذلك من أجل إبقاءهم " محصورين أو دفعهم الى الإنتقال الى المناطق المصنفة A و B ذات الكثافة السكانية ( الفلسطينية )الكبيرة ".
يقول جوناثان كوك بأنَّ خطة ترامب تقوم " على الاعتراف للفلسطينيين بحدود فلسطينية مؤقتة على ما مساحته نصف أراضي الضفة الغربية تقريباً – مانحةً على نحو واقعي اغلب اراضي المنطقة C " الى دولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ). ويضيف بأنَّ "الجزء الأكبر من تلك الاراضي " تقع في منطقة وادي الاْردن ، وهي العمود الفقري للضفة الغربية والذي انهمكت دولة الكيان في استعمارها منذ عدة عقود .
ويزيد جوناثان كوك في هذا الخصوص ، فيقول ، بأنه ومع تبلور خطة ترامب للسلام في كانون اول من العام ٢٠١٧، فقد " أعلنت اسرائيل عن خطة مكثفة لتوسيع الاستيطان في وادي الاْردن وقد استهدفت هذه الخطة زيادة عدد سكان مستوطنات وادي الاْردن الى ما يزيد عن الضعف" . ويقول أنه وفِي سياق ذلك، "ستقام ثلاثة مستوطنات جديدة في اراضي تلك المنطقة ، وهي الاولى التي يعلن عن إقامتها منذ ثلاثين عاماً على نحو التقريب" .
ويستطرد قائلاً ، أنه وفي ذات الوقت، فقد عَمِلَت دولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) "على تشديد اجراءاتها القمعية ضد السكان الفلسطينيين الذين ما زالوا قادرين على الإقامة في أراضيهم في وادي الاْردن بشكل عام وفِي أجزاء أخرى من المنطقة (C)، وهو تواجد سكاني يتعرض منذ زمن للتقلص نتيجة إجراءات القمع" التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد سكان تلك المنطقة . ويُضيف الى أنه " وبالإضافة الى حرمان الفلسطينيين من حق الوصول الى ٨٥٪ من أراضي المنطقة وادي الاْردن ، فإن سلطات الاحتلال قد أعلنت على أنَّ ٥٠٪ من أراضي تلك المنطقة هي أراضي مخصصة للرمايات العسكرية" ، وعليه "وبذريعة المحافظة على سلامة السكان في تلك المنطقة " يقول جوناثان كوك فإنه يتم ، " وبانتظام اخلاءها من سكانها الفلسطينيين" .ويزيد على دلك قائلاً بأن سلطات الاحتلال قامت أيضاً " بوضع وتطوير سياسات ترمي الى تسريع ازالة وهدم بيوت الفلسطينيين في منطقة وادي الاْردن" .
إذن ، فإنّه من المرجح أن تتضمن خطة ترامب للسلام عناصر تقضي بتمكين دولة الكيان الصهيوني العُنصري من ضم الجزء الأكبر من أراضي وادي الاْردن الى السيادة الصهيونية ، بذريعة حاجة اسرائيل لهذه الاراضي لدواعي تتعلق بأمنها ، وهو أمر يعني بالنسبة للفسطينيين تجريد ما سيتبقى من اراضي الضفة الغربية في حوزتهم من أهم وأفضل الاراضي الزراعية ، وحرمان الفلسطينيين ، سكان الضفة الغربية من أسباب الحياة والبقاء والصمود تمهيدا لدفع أعداد كبيرة منهم للهجرة الى خارج فلسطين وبالتالي تفريغ فلسطين من اجزاء كبيرة من سمانها الفلسطينيين العرب.
<> وفيما يتعلق بالعُنْصر الخامس وهو يتعلق بالمخطط المرسوم لباقي اراضي المنطقة (C)، يقول جوناثان كوك أنَّ دولة الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) قامت بتسريع جهودها الرامية إلى توسيع المستوطنات المقامة في أجزاء أُخرى من أراضي المنطقة (C)، وأنها أعلنت في ٣٠ أيار ٢٠١٨ عن النية على إنشاء (٢٠٠) وحدة إسكانية حديدة أغلبها يقع في مواقع مستوطنات معزولة كان قد افْتُرِضَ في وقتٍ سابق أنّه سيُصار الى إزالتها في أي صَفقة سلام يتم التوصل اليها. ويُضيف إلى أنَّ دولة الكيان الصهيوني قد أعدت أيضاً وبهدوء خطة لتشريع وضعية مستوطنات مُعَرّفة على أنها Outposts مُقامة في العادة على أراضي خاصة مملوكة من قبل فلسطينيين ،وذلك في انتهاكٍ واضح لأحكاماتفاقية معروفة بإسم " لا لإقامة مستوطنات جديدة " عُقِدَت مع الولايات المتحدة في تسعينات القرن الماضي.
ويُضيف الى أنه وفي ذات الوقت الذي انخرطت فيه في توسيع إقامة مستوطنات وتشريع وضعية مستوطنات معزولة مقامة، فقد انهمكت دولة الكيان الصهيوني في تنفيذ مخطط يستهدف تدمير المجتمعات الفلسطينية المحلية المتواجدة في اراضي المنطقة C وعلى الأخص تلك المتواجدة في مواقع تعيق جهود تحقيق تواصل جغرافي ما بين المستوطنات الكبرى المقامة في الضفة الغربية المحتلة ومدينة القدس.
ويذكر في هذا الخصوص بأنَّ فرنسا ، كانت قد اعترضت في وقت متأخر من الشهر الماضي ( أيار ) على قرار المحكمة الإسرائيلية العليا على خطة تقضي بالسماح بإزالة القرية البدوية الفلسطينية " خان الأحمر " والتي تقع بالقرب من مستعمرة "معاليه أدوميم" . ويقول أنه وبموجب هذه الخطة ، فمن المُفترض أن يتم نقل العائلات البدوية إلى منطقة تُستعمل مَكَبّاً للنفايات تابع لبلدة " أبو ديس ". وقد حذَّر التصريح الفرنسي بأن الاعمال الإسرائيلية هذه من شأنها أن تؤثر على وضعية منطقة تتمتع بأهمية استراتيجية لازمة لتهيئة شروط تحقيق حل الدولتين ومقتضيات إقامة دولة فلسطينية مُتَرابطة ومُتَّصلة الأجزاء. ويضيف بأنه قد تَكَشَّف مؤخراً أنَّ سلطات الإحتلال الإسرائيلي تنوي إقامة مستوطنة يهودية باسم Nofie Berieshit وذلك في مكان قرية "خان الأحمر" الفلسطينية الذي سعت تلك السلطات لإزالتها .
كما ويذكر جوناثان كوك بأنه ظهرت مؤخراً علامات أُخرى على تصاعد القلق الدولي إزاء السياسات والإجراءات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية المحتلة ، وفِي هذا السياق يقول بأن سبعين عضواً ديمقراطياً من أعضاء الكونغرس الامريكي قد تقدموا يالتماس الى نتانياهو في الشهر الماضي ( أيار ) بأن توقف اسرائيل اجراءاتها الرامية لإزالة التجمع السكاني الفلسطيني المعروف باسم " سوسيه " ( Sussiya) والذي يقع في الطريق ما بين مستوطنة غوش عتصيون ومدينة القدس . وفِي هذا الإلتماس ، فقد عَبَّر أعضاء الكونغرس الديمقراطيين عن قلقهم من أن هذه الخطوة الإسرائيلية تستهدف خلق واقع يهدد فرص أو آفاق تحقيق حل الدولتين .
إذن ، وعلى الرغم من معارضة عدد من نواب الحِزب الديمقراطي الأمريكي ، وكذلك دولاً أوروبية لسياسات دولة الأبارتهايد التي تستهدف إزالة قرى فلسطينية ، و / أو إقامة مستوطنات في أراضي الضفة الغربية المحتلة تُعيق أو تُعَطِّل تنفيذ حل الدولتين، فإنه من المرجح أن تَشتمل خطة ترامب على عناصر تستهدف مساعدة دولة الكيان على التغلب على تلك المعارضات وتمكينها من تحقيق أهدافها فيما تبقى من المنطقة C ، وعلى الأخص تلك التي تُساهم او تؤدي الى تحقيق اتصال وترابط ما بين المستوطنات الإسرائيلية بعضها مع بعض وكذلك مع مدينة القدس وذلك حتى ولو اقتضى الأمر ازالة قرى فلسطينية تعيق تحقيق ذالك التواصل .
<> وفيما يتعلق بالعُنْصر السادس المتعلق بسكان قطاع غزة ، ومخطط التوطين في سيناء ، فإن جوناثان كوك يقول بأنه أصبح من الصعب على إدارة ترامب وعلى اسرائيل الإستمرار في تجاهل الكارثة الإنسانية التي أصبحت ماثلة للعيان في غزة – وهي كارثة يقول كوك أن دولة الكيان الصهيوني قد ساهمت في صناعتها عبر قيامها بفرض حِصار عليها لمدة تزيد على أحد عشر عاماً مصحوبة بهجمات عسكرية كبيرة على القطاع ما بين وقت وآخر . ويقول كذلك بأنَّ الأُمم المتحدة قد حَذَّرَت مؤخراً بأن غَزَّة يمكن أن تصبح خلال وقتٍ قريب منطقة غير قابلة للعيش او للحياة البشرية عليه.
ويقول أنه وفِي سعيها لإيجاد حلٍ لمشكلةغزة، فقد قام البيت الأبيض في آذار الماضي (٢٠١٨) باستضافة اجتماع حضرته (١٩) دولة للبحث في الأوضاع في غزة . ويَذكر بأنَّ السلطة الفلسطينية ، قد عَمَدت على مقاطعة ذلك الإجتماع.
ويُضيف كوك بأنَّ الصّحافة العربية قد نقلت تقارير في ذات الوقت الذي انعقد فيه المؤتمر بأن خطة ترامب للسلام قد تتضمن التزماً من مصر بإتاحة منطقة شمال سيناء وتخصيصها لغاية إقامة دولة فلسطينية في المستقبل. وإزاء هذه التقارير ، وحسب تصريحٍ منسوبٍ لأحد مسؤولي حماس ، يقول جوناثان كوك بأنَّ القاهرة قامت بتقديم تطمينات مفادها معارضة مصر لخطة "توطين الفلسطينيين في سيناء".
وفي هذا الخصوص ، يستطرد جوناثان كوك قائلاً بأنَّ تقريراً نشرته هآرتس قد عاد وأنعش مخاوفاً بأن البيت الأبيض يُمكن أنْ يحاول تحقيق ذات الهدف عبر وسائل أُخرى، وذلك من خلال قيامه بإطلاق مبادرة تخص غَزّة في ذات الوقت الذي يتم فيه الإعلان عن خطة ترامب للسلام . ويَذكر أيضاً بأنَّ الصحيفة ذاتها قد أفادت بأن فريق ترامب قد تسلَّم مقترحات تتعلق بهذه المسألة وذلك من الجنرال الإسرائيلي Yaaf Mordechai ، والذي كان قد شارك في الاجتماع الذي نظمه البيت الأبيض في آذار الماضي.
ووفق ذلك ، يقول جوناثان كوك بأنه وفِي مرحلة أولية تم الإفصاح عنها ، فإنه من الممكن ان نرى القيام بتشغيل فلسطينيين من غزة في مشاريع ستقام في شمال غزة بكُلَف تَصِل الى حوالي (١٥٠٠) مليون دولار مُمَوَّلة من قبل المجتمع الدولي. وأنَّ مشاريع تلك الخطة كما يذكر كوك ستشتمل على إنشاء مَنطقة صناعية ، ومحطة تحلية ، ومحطة توليد طاقة كهربائية . ويُضيف ، بأنّه تمَّ الإبلاغ بأنَّ فُرَص معارضة المصريين لهذه المبادرة ضعيفة وذلك مع إفتراض مُمارسة ضُغوط شديدة على مصر من قِبَل واشنطون والحلفاء العرب .
إذن ، وبموجب المعلومات التي أشار اليها جوناثان كوك في مقالته ، فإن تفاقم الأوضاع في قطاع غزة مع النمو السكاني الهائل فيه ومع محدودية الموارد الطبيعية ، وتدهور المرافق الخدمية والانتاجية الزراعية والصناعية في القطاع تحت وطأة حصار إسرائيلي شديد ؛ برّي وبحري وجوّي ، امتد لمدة تزيد عن أحد عشر عاماً متواصلة ، فإنّ غزة أخذت تتحول وبتسارعٍ مخيف الى قنبلة موقوتة شديدة الإنفجار ، وأنَّ انفجارها سيطول دولة الكيان الصهيوني وغيرها من دول المنطقة ، ولهذا ، فقد تَنَطَّعَت الادارة الامريكية بمهمة مُساعدة حليفتها دولة الأبارتهايد والتطهير العِرْقي لإنقاذها من المخاطر المترتبة على الإنفجار المتوقع في منطقة القطاع وتخفيف وقعه عليها ، ومن هنا ، فإنه يتوقع أن تتضمن خطة ترامب للسلام عناصر تتعلق بإطلاق مخطط يستهدف توطين أجزاء كبيرة من سكان قطاع غزة في منطقة شمال سيناء ، وتمويل إقامة مشاريع فيها تستهدف تخفيف الضُّغوط المعيشية وتنفيس الضغط لتلافي الإنفجار المتوقع وذلك بمساهمة دول المجتمع الدولي الغنية ومنها دول أوروبية وآسيوية وعربية. ويبقى موقف مصر والدول العربية من هذه الخطة غامضاً حتى الآن مع استمرار حالة صمتٍ مريب بخصوصها.
ولغاية إكراه السلطة الفلسطينية لتقديم تنازلات لصالح قبول خطة السلام الامريكية ، يقول جوناثان كوك بأن الادارة الامريكية قامت باتخاذ عددٍ من الإجراءات مؤخراً ، إضافة لقرارها نقل سفارة بلادها الى القدس ، والإعتراف بالقدس عاصمة لدولة كيان الأبارتهايد ، وهذه الإجراءات تضمنت :
• قطع التمويل عن وكالة الغوث ( الأونروا ) ، وحول هذا الامر يقول جوناثان كوك بأن إدارة ترامب قامت مؤخراً بقطع التمويل عن وكالة الغوث وتشغيل الفلسطينيين ( الأُنروا ) والتي تقدم خدمات رعاية لما يزيد عن مليوني لاجىء فلسطيني مقيمين في المناطق الفلسطينية المحتلة .
• قطع التمويل عن السلطة الفلسطينية ، وحول هذا الامر يقول جوناثان كوك ان الادارة الامريكية تنوى صيف هذا العام تخفيض مساهمتها في تمويل السلطة الفلسطينية بمبلغ يتجاوز مائتي مليون دولار .
• تجنيد دولاً عربية للضغط على السلطة الفلسطينية للرضوخ وقبول خطة السلام الامريكية ، وحول هذا الامر يقول جوناثان كوك أن الإدارة الامريكية سَعَت لتجنيد دول عربية للضغط على محمود عباس. ويقول وحسب عددٍ من التقارير ، فقد تم تزويد محمود عباس خلال زيارته للسعودية في تشرين الثاني من العام الماضي (٢٠١٧) بوثيقة أمريكية مؤلفة من خمس وثلاثين صفحة وطُلِبَ اليه أن يقبلها أو أن يقدم إستقالته . ويقول بأن السعودية كانت قد زادت من مساعدتها للسلطة الفلسطينية (بما يمنحها مركزاً وقدرة على الضغط على الرئيس الفلسطيني) .
ويُضيف كوك بأنّه وفِي مقابل موافقة الدول العربية على خطة ترامب للسلام والضغط على الفلسطينيين لقبول الخطة، وقبول توثيق التنسيق مع دولة الكيان الصهيوني ، فإنه يبدو بأن الولايات المتحدة قد التزمت بممارسة سياسات صارمة تجاه ايران من أجل الحد من نفوذها في دول الإقليم ، بما في ذلك توظيف قدرات دولة الكيان الصهيوني في سياق حملة المواجهة ضد ايران.
وأخيراً وبخصوص حق عودة الفلسطينيين الى دِيارهم ، يقول جوناثان كوك بأن موقف الإدارة الامريكية في هذا الخصوص يقوم على مبدأ رفض عودة اَي لاجىء الى الاراضي الفلسطينية التي احتلتها دولة الكيان في العام ١٩٤٨ ، وكذلك رفض عودة اَي لاجىء الى الأراضي التي تقبل الادارة الأمريكية أن تبقى في قبضة اسرائيل .
إن قراءة متأنية في الأفكار التي أوردها جوناثان كوك في مقاله ، تشير الى أن هدف ترامب من خطته هو في الحقيقة تصفية القضية الفلسطينية عبر اختزالها الى مجرد حقوق وطنية مجتزءه يتم ممارستها على (١١٪) من مساحة فلسطين الانتدابية أي على حوالي (٢٠٠٠ إلى ٢٥٠٠) كيلومتر مربع، وبكلمات اخرى على حوالي او أقل من نصف مساحة الضفة الغربية ، وإلى وضع الأساس لإلغاء قرار حق العودة ( القرار ١٩٤) المتخذ في ١١ كانون اول ١٩٤٨، والى العمل على إنهاء التفويض الدولي المتعلق بوكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين ، والى توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم في بلدان اللجوء أو في شمال سيناء أو في بلدان الشتات ، والى اعتبار ما تم صرفه عليهم من خلال وكالة الغوث والى ما سيتم الإلتزام بصرفه لتمويل توطينهم في شمال سيناء هو التعويض الذي يستحقونه عن فقدانهم لوطنهم وعن معاناتهم خلال سنوات اللجوء في مخيمات اللجوء خارج وطنهم .
تلك مجرد استنباطات واستنتاجات لما يدور في العقل الامريكي لإدارة الرئيس ترامب وهو يضع خطته كإطار لما يطمح ان يكون حلاً نهائياً للقضية الفلسطينية التي بدأت فصولها مع احتلال بريطانيا لفلسطين في كانون اول عام ١٩١٧ قبل قرن من الزمان وفتح ابوابها لهجرة اليهود المضطهدين في البلدان الأوروبية مروراً على التطهير العِرْقي الذي قامت بِع المنظمات الصهيونية الإرهابية المسلحة في العام ١٩٤٨ والذي تم بموجبه تفريغ ثلاثة ارباع من مساحة فلسطين الانتدابية من (٩٠٠) ألف فلسطيني من سكانها الأصليين وإعلان إقامة دولة الكيان الصهيوني في ١٤ أيار من العام ١٩٤٨ .
وهي خطة ومحاولة وقحة متضاربة ومتناقضة مع كل معايير القيم الإنسانية والقانون الدولي ، وستلقى بالتأكيد الرفض ، والمقاومة ، ليس فقط من قبل الشعب الفلسطيني المضطهد والمهدورة حقوقه الاساسية والوطنية والإنسانية بل أيضا من كل احرار العالم والاحرار من يهود دولة الكيان الصهيوني ويهود العالم ، ولن تتمكن من انقاذ دولة الكيان الصهيوني العُنصري من أزمتها البنيوية مع استمرار تواجد نحو سبعة ملايين فلسطيني على ارض فلسطين الانتدابية أي بأعداد تزيد بعد أكثر من قرن من الزمان من الهجرة اليهودية لفلسطين عن إعداد اليهود المستعمرين لأرضها والذين يبلغ عددهم الآن نحو ستة ونصف مليون يهودي او اكثر قليلاً ) ، الا اذا نجحت في استكمال تفريغ فلسطين من سكانها عبر مزيد من حملات التطهير العِرْقي ، وتدمير أسباب بقاء وحياة الفلسطينيين على أرضها.
إنَّ استكمال حلقات تصفية القضية الفلسطينية تستدعي ان يُسلم الفلسطينيين أولاً والدول العربية ثانياً بحق اسرائيل الصهيونية في التواجد والبقاء على ارض فلسطين وبحق يهود العالم بالهجرة اليها مع حرمان اَهلها وسكانها الأصليين من حق العودة الى دِيارهم التي غادروها كُرهاً او طوعاً ، وتستدعي التخلص من الكتلة السكانية الفلسطينية المقيمة في اراضي الضفة ( حوالي ٣،٥ مليون فلسطيني ) ومن الفلسطينيين الذين بقوا في دِيارهم في العام ١٩٤٨ ( حوالي ١،٦ مليون فلسطيني)، وتستدعي توطين اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في قطاع غزة خارج قطاع غزة للحيلولة دون حصول انفجار سكاني نتيجة الكارثة الإنسانية التي تتبلور وتتكون في القطاع بعد ان تحول الى " چيتو " كبير لم تشهد الإنسانية له مثيلا في عصرها القديم والحديث .
وتستدعي توطين اللاجئين الفلسطينيين في بلدان اللجوء وقبول الدول العربية المضيفة توطينهم فيها وإعلان قبولها التنازل عن مبدأ حقهم في العودة الى دِيارهم واسترداد ممتلكاتهم التي استولت عليها دولة الكيان العُنصري الصهيوني ( اسرائيل ) ، وفِي ابني الدول العربية المستضيفة للاجئين سياسات تمنع اللاجئين على ارضها من ممارسة نشاطات تستهدف تفعيل قرارات الامم المتحدة المتعلقة بحقهم في العودة والتعويض .
وتستدعي أن يتنازل فلسطينيون بلدان الشتات عن حقوقهم الوطنية والأساسية والإنسانية في بلادِهم التي غادروها مُرها او طوعاً.
وتستدعي إلغاء القرارات الدولية الصادرة بما فيها القرار ١٨١ ( قرار التقسيم ) والقرار (١٩٤) وغيرها من القرارات بما في ذلك تلك المتعلقة بإزالة آثار عدوان عام ١٩٦٧ ، وتلك الآي تعتبر دولة الكيان دولة محتلة ودولة مارست التطهير العِرْقي وتمارس سياسات التمييز والفصل العُنصري ،...، وقبول الفلسطينيين والدول العربية إلغاءها ، واعتبارها كما لو لم تكن...!
المحاولة الامريكية الجديدة تفتح فصلا جديدا في فصول الصِّراع والنضال الوطني والقومي والانساني ، وعلى الفلسطينيين واحرار العرب والعالم واليهود اللاصهيونيين ان يعدوا أنفسهم لمواجهة هذه المحاولة بكل الطرق وبكل قوة وبذكاء.
المشروع الصهيوني في مأزق تاريخي عميق ، والمحاولة الامريكية تجيء لمحاولة انقاذه ..!
وللحديث بقية
وسوم: العدد 778