جرائم داعش بحق الأيزيديات
بعد أن قرأت رواية"ليلى وليالي الألم" للكاتب العراقيّ الكرديّ الأيزيدي خالد تعلو القائدي، وكتبت عنها، وصلني من الكاتب نفسه عبر البريد الألكتروني كتابا آخر له يحمل عنوان "النّاجيات بأجنحة منكسرة"، صادر هذا العام 2018 عن "مركز دراسات رووداو" في مدينة أربيل العراقية.
ويحوي الكتاب شهادة لأربع نساء اختطفن من قبل مجرمي داعش، والنساء الأربعة من قريبات الكاتب نفسه، فسهيلة وشيماء ابنتا شقيقه، وعمشي زوجة شقيقه دخيل، وهيام زوجة شقيقه مروان، وهؤلاء النساء يضفن إلى شقيته ليلى، التي تحدّثت عن معاناتها في رواية "ليلى وليالي الألم".
وفي البداية لا بدّ من التنويه إلى جرأة وحكمة الكاتب خالد تعلو القائدي، وقريباته في الحديث بصدق عمّا تعرّضت له هؤلاء النّساء من عذاب جسدي ونفسيّ واغتصاب وإهانة، على أيدي ارهابيّي داعش الذين عاثوا ولا يزالون في العراق، سوريا وليبيا وغيرها فسادا واجراما تقشعرّ له الأبدان، ففضح هكذا ممارسات يندى لها جبين الانسانيّة ضرورة ملحّة لتجنيد الرّأي العام لمحاربة هذا الفكر التكفيري الارهابيّ، والقضاء عليه أينما وجد، لمنع تكرار هكذا جرائم.
وقد لاحظت من خلال قراءتي لهذين الكتابين، أنّ الكاتب كان مجرّد ناقل لما جرى كما سمعه من أفواه الضّحايا أنفسهن، وله الفضل في الصّياغة التي اتّخذت طابع السّرد القصصي، يضاف إلى فضله في فضح هذه الجرائم بحق الضّحايا بشكل خاصّ وحقّ الانسانيّة بشكل عام.
ولا أخفي أنّني لم أستطع قراءة الكتاب كاملا لعدم قدرتي على تحمّل الألم النّفسي الذي أصابني أثناء قراءة الأحداث المؤلمة والمحزنة التي مرّت بالضّحايا.
والضحايا الأربعة منهن امرأة مسنّة مريضة بالسّكري، الضغط، استئصال المرارة وهشاشة العظام هي عمشي سليمان المولودة عام 1968، اختطفت مع زوجها وثلاثة من أبنائها، وثلاث من بناتها، وزوجات أبنائها وأحفادها. في حين كانت الثلاث الأخريات طفلات، فهيام صبري قاسم مواليد 1997، وسهيلة دخيل تعلو مولودة عام 2001،وشقيقتها شيماء مولودة عام 2003. وجميعهنّ اختطفن في 3 آب –اغسطس- 2014.
وقد تمّ افتداؤهنّ بمبالغ ماليّة باهظة دفعها " مكتب النّاجيات والمخطوفين- دهوك" شمال العراق.
ويلاحظ من خلال شهادات الضّحايا أنّ الدّواعش كانوا يقتحمون البيوت، ويسرقون المال ومصاغات النّساء، وحتى الهواتف النّقالة"الموبايلات". كما أنّهم اعتبروا ضحاياهم سبايا، يقتلون من يشاؤون قتله، ويشغّلونهم بأعمال السّخرة من ساعات الصّباح حتى ساعات الغروب، وبعض النّساء كنّ يجبرن على العمل كخادمات في بيوت "السّيّد الدّاعشيّ" ويتعرّضن للضرب والتعذيب منه ومن زوجته، كما يتعرّضن للاغتصاب فرادى وجماعات، ويبعن من شخص لآخر، فيمارس هو الآخر الاغتصاب والتّعذيب والقهر والتجويع والتّعطيش. كما كان الضّحايا رجالا ونساء يخيّرون تحت تهديد السّلاح بين اعتناق الاسلام أو القتل، ومع أنّهم كانوا يقبلون بالاسلام حفاظا على حيواتهم، إلا أنّ ذلك لم يحمهم من الاستعباد والتعذيب والقتل، تماما كما لم يحمِ النّساء من الاغتصاب.
وكان الدّواعش يتعاملون بوحشيّة متناهية مع ضحاياهم، وجزء منهم كان يعمل وسيطا "لبيع" السّبايا" لذويهنّ بمبالغ تصل إلى آلاف الدّولارات.
ويلاحظ كما ورد على ألسنة الضّحايا أنّه كان مع الدّواعش أجانب "أمريكيّين وأوروبّيّين" يشاركون في قمع وقتل الضّحايا واغتصاب النّساء.
والمتفحّص لشهادات الضّحايا، ولما خطّه قلم الكاتب الذي سجّل أقوالهنّ أنّهم رغم ما تعرّضوا له من جرائم باسم الاسلام إلّا أنّهم لم يسيئوا للاسلام أو المسلمين.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يعتبر وثيقة هامّة لإدانة الفكر الدّاعشيّ، والتّحذير من خطورة هذا الفكر التّكفيريّ الارهابيّ على الانسانيّة. وهذا يستدعي من المفكّرين الاسلاميّين الحقيقيّين الرّدّ على الفكر الدّاعشيّ الذي يشوّه الاسلام والمسلمين، كما أنّه يلفت الانتباه إلى خطورة السّموم التي نشرها ولا يزال ينشرها بعض الدّعاة في جزيرة العربان والتي تدعم داعش وجرائمها، ومدى خطورة هكذا أفكار على النّاشئة.
وسوم: العدد 789