ما الذي ستفعله طريقة مختلفة لقيادة الإخوان المسلمين ؟

تأتيني تساؤلات عدة من الشباب بعضها تستنكر  تحفظاتي على نمط القيادي الحالي للإخوان و وجه اعتراض هؤلاء  ان الدور و الأداء الحالي هو أفضل المتاح حاليا و لا يجب ان نحملهم فوق طاقتهم ، و آخرين متفقين معي على تحفظاتي لكنهم لا يعلموا ما الذي يجب فعله في التعامل مع أزمة بالغة التعقيد كالوضع الحالي .

و في هذا المقال أحاول ان أجيب على السؤال بشكل مختلف و لا استطيع الإدعاء أن الإجابة كاملة او مثالية و لكن الهدف الوحيد هو زيادة الوعي لدى جماهير الثورة و خاصة من شباب الإخوان و قواعدهم بأن الوضع الحالي ليس هو القدر الذي لا فكاك منه و أن التغيير  في نمط القيادة كافي لقلب معادلة الصراع رأسا على عقب لصالح الثورة  .

و سأبني المقال على فرضية أن هناك تغيير  في اسلوب القيادة قيادة للإخوان و أن هذه القيادة لديها هدفين مركزيين تسعى لتحقيقهما ألا و هما الحفاظ على وحدة و تماسك الجماعة و الثاني اسقاط الانقلاب في مصر و بناء دولة الحريات و أن هذه القيادة تتصف بالتجرد الكامل و الذكاء الحاد و الحكمة البالغة فما الذي ستفعله قيادة لها هذه الأهداف و تتصف بهذه الصفات .

١ - ستدعو أعضاء مجلس الشورى العام للجماعة لاجتماع للمجلس بعد ٣ أشهر من الآن  خارج مصر  و الأعضاء الموجودين داخل مصر سواء معتقلين او مختفين  ستطلب منهم تفويض شخصيات خارج الوطن للقيام بمهامهم و التصويت عوضا عنهم .

٢- سيشرف على تنفيذ هذا الإجراء لجنة برئاسة رموز اسلامية غير مصرية و لها الحق الاستعانة بمن تشاء و الاطلاع على ما تشاء لتنفيذ مهمتها .

٣- ستدعو هذه القيادة قبل موعد اجتماع الشورى بفترة كافية لعقد مؤتمر كبير عن الإخوان المسلمين فكرا و حركة و تدعو له كافة الباحثين عرب و أجانب لتقديم أوراق بحثية تناقش فيه تجربة الاخوان و تخض الأوراق المقدمة للجنة علمية مستقلة لا علاقة لها بالاخوان و تصدر في نهاية المؤتمر توصيات علمية رصينة حول دور الجماعة المستقبلي و تقييم لمواقفها السابقة .

٤- ترسل الأوراق البحثية المشاركة في المؤتمر الى أعضاء الشورى او المفوضين عن أعضاء الداخل  قبل موعد الاجتماع بوقت كافي حتى يكون لهم اطلاع كامل على كافة الافكار الرصينة و الناضجة المقدمة .

٥- تعلن القيادة انها ستقترح جدول اعمال في اجتماع الشورى يناقش القضايا التالية :

١ - لائحة جديدة حقيقية تؤصل لمبدأ الشورى و المحاسبة و الرقابة و تداول القيادة و فصل المسئوليات  .

٢- فصل المسار الدعوي عن الحزبي و ليس السياسي .

٣- تقنين وضع الجماعة كمؤسسة خيرية دعوية في تركيا وفق القانون التركي .

٤- اعادة احياء حزب الحرية و العدالة و اعلان فصله فصلا حقيقيا عن الجماعة و ليس صوريا و اعلان الجماعة ان كافة الأنشطة الثورية و السياسية ستكون من خلال الحزب فحسب و ان الجماعة ستتحول الى هيئة فكرية دعوية للمسلمين جميعا و ان التنافس السياسي و الصراع مع السلطة سيمثله الحزب  و فقط  .

٥- بناءا على ذلك ستدعو القيادة اعضاء الشورى في الجماعة لترشيح و اختيار قيادة جديدة لها تتوافق مع التحديات الجديدة و ستعلن انها ستقدم استقالتها في الاجتماع و لن تتولى مهام أخرى و تترك للمجلس اختيار قيادة جديدة .

٦- سيكون من ضمن المدعوين لاجتماع الشورى نحو ٣٠ من الشخصيات الاسلامية من مدرسة الإخوان الفكرية كالعلامة القرضاوي و خالد مشعل و الريسوني و غيرهم و يحضروا كافة النقاشات لانضاج الافكار و نقل تجاربهم للمجتمعين و يشهدوا ميلاد اللائحة الجديدة و القيادة الجديدة للجماعة .

٧- يعقد الحزب اجتماعه الأول و يدعو كافة المصريين الرافضين للانقلاب في الخارج للمشاركة في الحزب .

٨- تختار الجمعية العمومية قيادة الحزب بدرجاتها المختلفة وفقا لأهليتهم في الملفات الآتية تفعيل المسار الثوري  و اعادة احياء الثورة لدى المصريين ، قدراتهم على التخطيط و الادارة و المناورة و اخيرا على التواصل الدولي مع الحكومات و الهيئات .

تصبح المحصلة النهائية لدينا كالتالي :

• جماعة متجددة بقيادة جديدة تحظى بثقة الجميع و وضعها أو انشطتها مققنة بشكل رسمي ،  منشغلة بالجوانب المتميزة فيها  كالدعوة و الفكر و اعمال الخير  و الدفاع عن الاسلام بشكل عام ، بعيدة عن الصراعات الوجودية و في نفس الوقت لا تمنع اعضاءها كأفراد من المشاركة في فعاليات ثورية او سياسية و لكن دون وصاية منها و يصبح الأمر أقرب لمن يشترك مثلا في نقابة مهنية و جمعية خيرية في نفس الوقت فلا يوجد رابط بينهما .

• حزب سياسي يخوض معركة الثورة و يبدع في الوسائل و الطرق و يقنن انشطته بشكل قانوني و رسمي في الاماكن التي يعمل فيها فاذا عمل في الجانب الحقوقي اسس له جمعية حقوقية و اذا عمل في العلاقات العامة اسس لها شركة علاقات عامة  و هكذا ينسق مع رفقاء الثورة و يصطف معهم دون وصاية من أحد او توجيه .

• 

حزب يقحم اعضاءه في النشاط السياسي في الدول المتواجد بها من باب التعلم و اثراء التجربة ، حزب يبحث عن مواطن الضعف لدى الثورة فيعمل على سدّها و صونها .

أعضاء للجماعة لا يعيشوا في صراعات فكرية و لا أزمات نفسية فجماعتهم شابة فتية متجددة ، فهو مطمئن الى آلية العمل بها و شفافيتها ، لديه حرية الحركة و الابداع و الانجاز داخلها و خارجها ، يستطيع ان يشارك او يؤسس انشطة مختلفة تخضع للتجربة الانسانية كاملة من نجاح و فشل و تهور و نضج  دون ان يشعر بأنه مدان او مغرد خارج السرب .

تخيلوا معي هذه الصورة النهائية جماعة فتية تبدع في الفكر و العلم و الدعوة و تقدم جيل جديد من الدعاة و قادة الرأي و الفكر مشغوله بمواجهة الغزو الفكري و الثقافي و تدمير اخلاق الأمة ، يتحرك اعضاءها بحرية و بشكل قانوني و دون ضغوط خارج مصر .

حزب سياسي نشط ملك للمصريين جميعا يدخل معركة الثورة بكل جوانبها تخطيطا و قيادة و تنفيذا يناور و يفاوض و يضغط و يبني علاقات و يربي كوادر و يخطئ و يصيب و مفتوح للجميع .

قاعدة صلبة تشعر بالأمل و الثقة في نخبها و لديها قناعة ان التضحيات التي تدفع و الدماء التي تسقط لن تذهب هدرا فهناك جهاد حقيقي يبذل و دولاب عمل و حركة لا يتوقف و هناك شباب يبدع و ينتج و هناك ثورة تتقدم الى الإمام ، هل يمكن ان يتحول هذا الحلم الى حقيقة يوما ما ؟؟

وسوم: العدد 811